دار النحلة بمدينة شفشاون مبادرة تساهم في مواجهة انهيار طوائف النحل
تجلب السماء الزرقاء والزهور المتفتحة بفضاءات عين الرامي بشفشاون أزيز النحل . يخرجون من خلاياهم بحثا عن حبوب اللقاح. على الرغم من صغر حجمها ، إلا أن مساهماتها في أنظمتنا البيئية مهمة للغاية ؛ ببساطة ، لن توجد الحياة على الأرض كما هي اليوم بدون النحل. على مدى ملايين السنين ، تطور النحل لمساعدته على تلقيح الأزهار ، حتى أنه اكتسب أكياسا صغيرة من حبوب اللقاح لتحمل كميات أكبر ؛ تطورت الأزهار أيضا لجذب النحل والملقحات الأخرى وتعتمد عليها إلى حد كبير في التكاثر. ولهذا السبب فإن اختفائهم مثير للقلق: على مدار القرن الماضي ، تراجعت أعداد النحل بشدة ، بل وصنف البعض على أنه معرض للخطر ، تاركا أنظمته البيئية وسلاسلنا الغذائية معرضة لخطر الانهيار.
يتعرض النحل لخطر الانقراض إلى حد كبير بسبب الأنشطة البشرية من قبيل التغييرات واسعة النطاق في استخدام الأراضي ، والممارسات الزراعية الصناعية ، مثل الزراعة الأحادية ، والاستخدام الضار لمبيدات الآفات ، ساهمت جميعها في تدمير مواطنها وتقليل مصادرها الغذائية المتاحة. سهلت العولمة أيضا انتقال الطفيليات والأنواع الغازية الأخرى التي تتغذى على النحل ، مثل الدبابير ، والتي يمكن أن تقضي على خلايا النحل بأكملها في ساعات.
يلعب الاحتباس الحراري أيضا دورا كبيرا في تعريض النحل للخطر. يؤثر ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات والجفاف والتغيرات في مواسم ازدهار النباتات المزهرة على النظم البيئية للنحل ، مما يقلل من ملاءمتها للبيئة ويهدد بقائها على قيد الحياة.
في هذا السياق شهد المهرجان السنوي الدولي لأفلام البيئة في دورته 11 بمدينة شفشاون عدة برامج موازية ، لتباري المشاركين للظفر بأفضل فيلم بيئي من فئات الاحتراف والهواة والجانب التربوي التعليمي، تروم إطلاع المشاركين من مختلف الدول على الخصوصيات الحضارية والتنموية بشمال المغرب .
ونظمت جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية زيارة ميدانية لوفد يضم مخرجين سينمائيين وإعلاميين ونقاد السينما ونخبة هائلة من رواد السينما مغاربة وأجانب لمشروع رائد يحمل إسم “دار النحلة”، بمنطقة عين الرامي بشفشاون ،والذي تشرف عليه جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية.
اطلع المشاركون في المهرجان الدولي السينمائي على مرافق دار النحلة الموضوعاتية ،وعروض وتسويق هذه المنتجات بفضاء العرض والتسويق داخل ردهات المقر.
وتسهم هذه المبادرة في تحقيق التمكين الاقتصادي لمجموعة من النساء وخلق فرص شغل قارة لهن لإعالة أسرهن. كما يوفر المشروع فرصا أيضا لجميع النحالين بالإقليم من أجل عرض منتجاتهم وتسويقها في فضاء عصري يحترم معايير الجودة .
وشيد المقر بمواد ووفق تصميم يراعي المعايير البيئية، ويحترم خصوصيات المجال الغابوي ويتكون من وحدات للعرض تشمل التسويق و التكوين والتحسيس. وتم بناء هذه المنشأة وتجهيزها من خلال شراكات محلية، وجهوية ودولية .
وزار المشاركون مسارات سياحية وتربوية داخل غابة عين الرامي، تضم وقفات للتشوير ولوحات تعريفية وتوعوية بأهمية النحل والعسل.
تعد “دار النحلة” مشروعا فريدا بأبعاد إيكولوجية على الصعيدين المحلي والوطني، ينشد تعزيز ودعم مربي النحل والنهوض بسلسلة إنتاج العسل والمساهمة في تطوير القطاع، من خلال احتضان ومواكبة وتأطير وتوفير فضاء تسويقي لحوالي 30 تعاونية منضوية في اتحاد للتعاونيات المحلية.
ويتيح المشروع فرصة فريدة على المستوى الوطني لعضوات التعاونية النسوية التي تم إحداثها في إطار المشروع من خلال استفادة 20 إمراة من تكوينات متعددة في مجال صناعة مختلف المواد المشتقة من العسل (المواد التجميلية).
يذكر أن إحداث “دار النحلة” يتغيا عدة أهدافا تربوية، مفتوح في وجه التلاميذ والطلبة والباحثين للتعريف بدور النحل في الحفاظ على التنوع البيولوجي والأمن الغذائي، كما أنه سيساهم في التنشيط السياحي لإقليم شفشاون، عبر إحداث مسارات سياحية للتعريف بالمؤهلات الطبيعية والايكولوجية للمنطقة.ويقدم خدمة بيئية وزراعية تساهم في توفير منظومة صحية وبيئية للنحل بالمنطقة.
يشار أن مشروع دار النحلة أنجز بشراكة مع المديريتين الإقليمية والجهوية للمياه والغابات وجماعة باب تازة وبتمويل إسباني (santander – ayuntamiento de cordoba ) وأمريكي (مكتب البحار والبيئة الدولية والبحث العلمي التابعة للداخلية الأمريكية) وجمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية بشراكة تقنية مع تعاونية بوهاشم وتعاونيات محلية متخصصة في إنتاج العسل ومشتقاته.