المغرب .. عاشوراء بين الإتباع الديني والشعودة واختلاف مستويات المقبلين على طقوسها

تعرف مناسبة عاشوراء في المغرب طقوساً شديدة التعقيد، مركبة من معتقدات وتصورات وإحتفالات يتداخل فيها ما هو ديني محض كالصيام والصدقة ، وماهو بدائي كرش الماء وإشعال النار (الشعالة) ، ومن بين هذه الطقوس تنتشر ظاهرة السحر و الشعودة التي ترتبط بالجهل والأمية عند بعض النساء ، في محاولة لعلاج بعض الأمراض المستعصية، أو لجلب الحبيب والبحث عن الزوج.

فعاشوراء هو اليوم العاشر من شهر مُحَرَّم في التقويم الهجري، ويسمى عند المسلمين بيوم عاشوراء وهو اليوم الذي نجّىٰ الله فيه موسى من فرعون ويصادف اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي حفيد النبي محمد في معركة كربلاء، لذلك يعدّه الشيعة يوم عزاء وحزن ،كما وقعت العديد من الأحداث التاريخية الأخرى في نفس اليوم.

ويتخذ المغاربة ليوم عاشوراء إسم يوم زمزم، وفي هذا اليوم يقومون برش الماء على بعضهم البعض وعلى مقتنياتهم تبركاً، ويحاول التجار بيع كل بضائعهم، ويعقب عاشوراء “ليلة الشعالة” حيث يجتمعون حول نار وهم يرددون أهازيج، بعضها يحكي قصة مقتل الحسن والحسين، دون الإشارة لهما بالإسم، بل ينعثون في كل المقاطع باسم “عاشور”، وتتخللها نياحة وأهازيج أخرى ،وتقدم الأسر الزكاة أو عشر أموالها التي دار عليها الحول للفقراء.

بالمقابل، يرى ثلة من الباحثين أن المجتمع المغربي هو مجتمع طرقي بامتياز قريب جدا من الطرق الشيعية عن قصد أو عن غير قصد، فحينما يتم رش الماء بين الصغار والكبار في جو احتفالي فالواقع هو إشارة إلى حرمان الحسين وأهله، الذي نعته الرسول الأعظم بخيرة شباب الجنة من الماء قبل مقتلهم.

أما فيما يعرف عند المغاربة بـ”شعالة”، فيرمز فيه إشعال النيران إلى حرارة الصحراء التي حوصر فيها الإمام الحسين، لكن من الملاحظ أن هذه الشعائر إن صح التعبير، تنقلب في حالات كثيرة إلى طقوس شيطانية صادمة، يتم خلالها ممارسة جميع أنواع السحر والشعوذة، حيث يتعاطى عدد كبير من المواطنين وبجميع أجناسهم ومستوياتهم الثقافية والطبقية إلى ممارسة مجموعة من الشعائر الصادمة والتي لا يقبلها عقل سليم أو دين حنيف.

إن الرهان الأوحد لكل مشعوذ أو مشعودة هو عدم رجوع الشخص إلى عقيدته الصحيحة السليمة، والعمل على تقويتها حيث يعتقد هؤلاء الأشخاص ضعاف الإيمان أن الخسارة عندهم ليست في سوء تدبير أو عدم اتخاذ الحيطة و الحذر أو عدم دراسة السوق جيدا، ففي نظرهم أن كل ما يصيب المرء من سوء في صحته و ذويه وماله وماشيته وأرضه، هو من فعل العين والجن والسحر.

إن المرض والإفلاس المالي وموت الماشية وفقدان الأرض وضعف المحصول والرسوب في الامتحانات هو بسبب الإنسان ذاته في أغلب الأحيان ولا علاقة له بالسحر والعين، ولذلك فمثل هؤلاء الأشخاص يولون أهمية بالغة لترسيخ هذا الموضوع في ذهن الضعاف حتى يصير مرض.

بواسطة
سرسيف محمد - قلعة السراغنة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق