ليالي الوصال البودشيشية.. الدكتور منير القادري يستعرض ثمار محاسبة النفس
كان متابعو الليلة الافتراضية الثانية والعشرين المنظمة من طرف مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بشراكة مع مؤسسة الجمال أمس السبت 26 شتنبر الجاري، على موعد مع مداخلة جديدة للدكتور منير القادري بودشيش مدير مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، حول موضوع “محاسبة النفس في الإسلام وفضائلها وأثرها في المجتمع”.
أوضح في بدايتها أننا نعيش في عصر مادي، لم يعد للناس فيه -باستثناء قلة قليلة- اهتمام بالقيم الروحية والأخلاقية، وأصبح الغالب فيه على حياة الناس عدم الاستقرار النفسي المنبعث من نظرتهم إلى كل شيء على ضوء المادة، وبين أن الناس لو انصرفوا قليلا عما شغلتهم به الدنيا إلى تدبر ما في الإسلام من المثل الأخلاقية، وأن وراء المادة عالماً آخر له روعته وجلاله، لغيروا من حكمهم على الأشياء، ولوجدوا الراحة النفسية بعد العناء، وأقبلوا على حياتهم بتفاؤل وهمة.
ونبه القادري إلى ضرورة محاسبة النفس وتتبع سقطاتها، وغض الطرف عن تتبع عورات الغير، مذكرا بالحديث الشريف الذي رواه الترمذي عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانيّ”.
وقال أن محاسبة النفس ومخالفة أهوائها وتهذيب سلوكها يدفع الإنسان دفعاً إلى العمل الإيجابي والإخلاص فيه، مع تقدير كامل للمسئولية، وأن محاسبة النفس ومراقبتها تورث الزيادة في البصيرة، واتساع المعرفة، وأن المحاسبة لها نتائج وثمار متعددة على الانسان، منها الشعور بالندم والمداومة على طلب التوبة والاستغفار، وكذا التعويض بتدارك ما فاته من أمور الخيّر ليمحو ما مضى من ذنوبه مصداقا لقوله تعالى في سورة هود (الآية 114) (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ).
وبين أن محاسبة النفس تكون أولا بالبدء بالفرائض، فإذا رأى فيها نقصاً تداركه، وثانياً بالكف عن المناهي، فإذا عرف أنه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية، وثالثاً بمحاسبة النفس على حركات جميع الجوارح، ورابعاً بمحاسبة النفس على الغفلة وتدارك ذلك بالذكر والإقبال على الله، وأشار الى أن النصوص طفقت تشوق، وتحرض على المحاسبة والمراقبة بأساليبها الحكمية البليغة، موردا في هذا الصدد مجموعة من الأقوال المأثورة منها قول سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما الذي رواه الترمذي والنسائي (حفظتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك “).
وأبرز أن التصوف بما ينطوي عليه من مبادئ تربوية وروحية، منهج حياة، حيث أن الصوفي المتحقق لا يرى تعارضاً بين حياته التعبدية وحياته في المجتمع، وأكد أنه اقتداء بالمنهج المحمدي، منهج المداومة على محاسبة النفس والمسارعة إلى الخيرات فإن شيخ الطريقة القادرية البودشيشية فضيلة الدكتور مولاي جمال الدين القادري، ما فتئ يوصى ويربي المريدين، على محاسبة النفس، وتربيتهم على مكارم الأخلاق والتحلي بالقيم الإنسانية والحرص على مراقبة ومحاسبة النفس، وتوجيه هممهم للتحلي بالأخلاق المحمدية ليكونوا أينما حلوا وارتحلوا ممثلين لإسلام الرحمة والمحبة والتعايش ومواطنين صالحين على قدر كبير من الالتزام بتحمل المسؤولية إزاء أوطانهم.
من وقع بعيدا عن أصله تدكر أيام وصله