الفاتحة أم الكتاب

هذه السورة لها وزن وفضل ومنزلة كبيرة عند الله تعالى ، وتأكيدا لهذا الفضل أمر الله تعالى رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بقراءة سورة الفاتحة في بداية كل ركعة من الصلوات الخمس المفروضة على المسلمين ، وسميت بالمثانى لأنها تقرأ في كل ركعة ولا تصح الصلوات بدونها ، أي أنها بمثابة الأم لكتاب الله ، فلا يصح أن نقرأ القرآن العظيم في صلواتنا دون الابتداء بفاتحة الكتاب المعجزة .

فإذا تطرقنا للآية الأولى (بسم الله الرحمن الرحيم ) بمعنى أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن نسمى بغير الله ، فالله سبحانه هو المستحق وحده لهذا الأمر،لأنه خالقنا ورازقنا وموجدنا من العدم ، هذا فضلا أن البسملة بالله تبارك وتعالى تريح النفس والقلب والعقل ولا تجعل للشيطان سبيلا عليك في أمر تبدأ به باسم الله ، أي أن كل أمر هممت به ولم تسمى عليه فهو أبتر، حتى تذكر لفظ الجلالة عليه فيزدان ويزداد بركة وحفظا من الشيطان اللعين وجنده ، ولا يطلق لفظ الجلالة (الله) إلا على العظيم في علياء سمائه ، فهو سبحانه المستحق للعبادة وحده ، لأنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لا شريك له في علياء سمائه ولا ولد ، أما لفظ (الرحمن) فمعناها أن الله الكبير صاحب القوة والملكوت والجبروت والكبرياء والتفرد وسعت رحمته جميع مخلوقاته الموجودة أو التي سيوجدها في المستقبل ،وعندما يكون المخلوق فى ذمة الله ورحمته التي وسعت كل شئ فمؤكد أن الله سيرحمه وسيكون رفيق به لأنه سبحانه كتب على نفسه الرحمة فهو (الرحيم) .

والآية الثانية (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أي أن الله خالق الكون رب العالمين سواء أبوا أم رضوا هو المستحق سبحانه للحمد والشكر لا أحد غيره ، فالاعتراف بفضله علينا ليس منا على الله سبحانه، بل هي من أساسيات الدين أن نحمد ربنا في السراء والضراء ، والمتقاعس عن الحمد والثناء على الله خائب خاسر في دنياه وآخراه.

والآية الثالثة (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) اسمان من أسماء الله تعالى الحسنى وقد اتصف الله تعالى بهما رحمة بخلقه المحتاجين لعفوه ورحمته وصفحه ، والخلق جميعهم محتاجون عفوه سبحانه ، ولولا أنه سبحانه لم يتصف بهما لهلكنا وهلكت جميع المخلوقات ، فهو سبحانه الغفور الرحيم الودود بخلقه ، والآية الرابعة (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أي أن الله تعالى مالك الملك ورب الأرباب ورب البشر وجميع المخلوقات ، فهو الملك الذي يملك أحداث يوم القيامة بما فيها من هول وفزع ، ويملك مقاليد السموات والأرض وما بينهما وما هو غير معلوم بالنسبة لنا ، وهو سبحانه المتصرف منفردا في ملكه وملكوته لأنه هو المالك الوحيد ولا مالك غيره وما دونه عبيدا له سبحانه ، والآية الخامسة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) أي أننا يربنا لا نعبد ربا سواك فأنت وحدك المستحق للعبادة وما دونك باطل ، فالعبادة لا تكون إلا لرب عظيم قادر خالق مهيمن جبار عزيز له صفات العزة والعظمة و الملك والكبرياء ، وهذه الصفات لا تكون ولا ينبغى أن تكون إلا لله العظيم فى علياءه، فهو سبحانه المتصف بالكمال والجلال والجمال والقوة والجبروت ، هذا فضلا عن صفات الرحمة والعفو والمغفرة والرضوان ،وليست العبادة فقط يربنا ، فإن المسلم لا ينبغي له أن يستعين بغير الله ، ومن استعان بغير الله فقد أشرك وخرج عن الملة وعباءة الإسلام ، لذا فإننا لا نستعين إلا بك لأنك الواحد الأحد المتفضل على جميع خلقك والمستحق لذلك وحدك ، والآية السادسة (أهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) دعاء لله الكريم بأن يهدنا سبل الطريق المستقيم والقويم الموصل لجنته ورضوانه ، وذلك لا يكون إلا بإتباع محمد صلى الله عليه وسلم رسول الإسلام ، الذي جاء بالدين الحق الذي ارتضاه الله لعباده وهو الإسلام ومن ابتغى دينا غيره أذله الله وأعماه عن الطريق الحق ، وجعل مآله إلى جهنم وبئس القرار تصديقا لقول ربنا جل وعلا في كتابه الكريم (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) ، أما الآية السابعة (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) بمعنى أننا نناجى الله فى عليائه ونتضرع فى دعائه بأن يهدنا سبحانه طريقه المستقيم الذي يسلكه و ويخوضه ويتبعه الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين وحسن أؤلئك رفيقا ، ولا تجعلنا ياكريم من المغضوب عليهم الذين عرفوا طريق الحق والصواب ثم حادوا عنه بمحض إرادتهم وإتباعا لأهوائهم وشياطينهم، وكذلك يارب لا تجعلنا من الضالين الذين رأوا الحق ظاهرا أمامهم ، لكنهم لم يهتدوا ولم يرتدعوا، آمين يارب العالمين عسى أن تتقبل دعاءنا فنفوز بالجنة ورضوانك ، وهذا هو الفوز العظيم .

بواسطة
عبدالله الوزان - مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق