الإنسانيةُ في عصرِ الجيل الخامس. انقذوا الإنسانية !!

تَقدمَ العلمُ وتطورت المعرفة فـنهضت الصناعة و اندفعت عجلةُ التنمية الى الأمام في تقدمٍ مستمر يُبهر العقول ويسلبُ الألباب، حتى توصلنا الى أدق التطورات التقنية في مجال الذكاء الإصطناعي ومنها صناعة الروبوتات التي تقوم بعمل الإنسان حتى في مجال الجراحة.
يالهذا التقدم المذهل والتطور العجيب !!!

إنًه جداً مذهلٌ وعجيب، لكنّ الأعجبَ من ذلك والأمرّ هو أننا فقدنا ذواتنا وافتقدنا إنسانيتنا بعد ذلك ونحن لا نشعر، فكان هنا الإنحطاط المقيت والسقوط المدوي لبني البشر.
كثيرون هم البَشرُ وما أقلّ البِشرَ فيهم!
كثيرون هم الناس و الإنسانُ فيهم نادر!

بالأمس وقع انفجارٌ في لبنان فرأينا دموع العالم تجري تجاه لبنان كنهرٍ يحمل بين ضفتيه بواخر المساعدات والإغاثات بلافتات التضامن و يافطات الإخاء، لكننا لم نجد تلك الدموع الغزيرة ولو ببضع قطرات على نكبة فيضان السودان الذي شرد أهلها وجعلهم ينامون في العراء ولم نسمع ذلك البكاء ولو بزَيفهِ المعتاد على اغتصاب فلسطين الذي شرذم شعبها ونكل بهم شر تنكيل أو على المجازر الجماعية لإبادة أقلية الروهينجا المضطهدة و على تمزيق اليمن و تدمير سوريا وليبيا ونهب وتجويع افريقيا. وجعل كل تلك الشعوب تذوق موتها البطيء في مشاهدةٍ ممتعة للمتشدقين بالإنسانية، فسرعان ما اتضحَ أن تلك الدموع هي دموعُ تماسيحٍ في غاية الزَّيف والكذب.

يالهذه المواقف الإنسانية التي يفوح منها نَتنُ الكذب و رائحة النفاق والمجاملة، أدعياؤها يؤكدون بسوء أفعالهم أنهم في حقيقة الأمر شياطينٌ تجسدت على أشكال بشر.
هل هذا ما كنا نحلم به من الفكرة الحضارية المتمثلة بالأمم المتحدة والتي أُنشئت لوظيفة الشجب والقلق و لغاية التلاعب والتمويه، فـتعرت حقيقتُها على أنها أكبر مسرحيةٍ مأساويةٍ في التاريخ الحديث.
هل هذا هو التقدم والتطور الذي أسعدنا بأنه سوف ينهض بنا من حضيض الصفر لنتفاجأَ به و هو يغور بنا في أعماق السالب الموحلة؟

تتوسع أسواق التجارة العالمية و تنمو رؤوس الأموال و يزدهر الإقتصاد العالمي بشكلٍ رهيبٍ يعقب ذلك نشوء طبقتين من البشر، الأولى يغمرها غنىً فاحشٌ والأخرى يسحقها فقرٌ مدقعٌ في اتساعٍ لفجوةٍ بينيةٍ جائرةٍ خطيرة، توابعها مهدِّدة للبشرية و للأجيال.
فمامعنى أن تجد شخصين يأنان بصوتٍ مؤلم يُصدرُ نفس النغمة بذات المعنى؟ لكن أحدهما يأن من حرقة الجوع و الآخر من فرط التخمة.

هل هذه هي الألفيةُ الثالثة وهذا هو القرن الواحد والعشرون؟ عصر الترانزستور، وعهد الجيل الخامس عصر التكنولوجيا والإختراعات والروبوتات؟ إذا مامعنى أن نتوصل الى آلاف الإختراعات العجيبة يوميا إن كنا نرتكب أضعاف أضعافها من الجرائم التي يندي لها جبينُ الإنسانية؟
مامعنى التقدم إن كان يُخفي تخلفاً رهيباً في القيم والأخلاق؟ مامعنى الحضارة إن تفننت بالدعارة؟ ومامعنى الحداثة إن حوصرت بالدياثة؟ ومامعنى التطور الصناعي المذهل إن انتعشت الآلةُ ليموتَ الإنسان؟ إن توفرت المادةُ لتنقرض الروح ، إن غزرت ( الببسي والكوكا كولا ) لتجفَّ العروقُ من الدماء؟
وماهو معنى الانسانية إن كانت تخفي في باطنها الأنانية؟ ولماذا تطغى لهجة الحقد والعنف على لغة الحب والسلام؟ ولماذا تدمر نظرية الاستعلاء حقيقة الإخاء ؟
و مامعنى أن يطغى الدمُ على الحبر؟ والرصاصُ على القلم؟ و أن تسحقَ القوةُ العقل و أن تذبحَ الأنانيةُ بسكين أثَرتِها وتينَ الوحدةِ وأوردة الإيثار ؟

مامعنى أن تكثر المصانعُ وتتوسع المزارعُ عندما يعقب ذلك اشتدادُ الجوع واحتدادُ الشقاء، فـتكثر اعداد البؤساء والجوعى والأشقياء بأرقامٍ مهولة؟
مامعنى أن نسعى لكي لا نحيا ، وأن نكدح حتى لا نعيش؟
أنقذوا الإنسان فهو فيكم يستغيث.
تداركوا الإنسانية في وجدانكم.
والا فلن تكونوا سوى وحوشٍ على هيئةِ بشر.

بواسطة
فرج العامري - اليمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق