العنف الأسري ضد الطفل
أن ظاهرة العنف بكل أنواعه وأشكاله لم تكن جديدة على المجتمع، وإنما متوارثة عبر الأجيال ومنذ القدم، وقد ازدادت في الآونة الأخيرة لكثرة الحروب والصراعات الدولية، مما أدى الى زيادة العنف بأشكاله ومنها العنف الأسري، والعنف المجتمعي، والعنف المدرسي، وعنف الأرهاب…الخ.
ولكثرة المشاكل العائلية وتدهور الوضع الاقتصادي في بعض المجتمعات العربية، أدى الى أزدياد وأتساع مساحة ممارسة العنف وخاصة ضد الأطفال أو بما يسمى بالعنف الأسري.
في البدء سأتناول ماذا يعني العنف؟
العنف: هو تعبير عن القوة الجسدية التي تصدر ضد النفس أو ضد أي شخص آخر بصورة متعمدة أو أرغام الفرد على أتيان هذا الفعل نتيجة لشعوره بالألم بسبب ما تعرض له من أذى، ويستخدم العنف في جميع أنحاء العالم للتأثير على الآخرين.
أما العنف الأسري: هو الأسلوب الذي يتبعه الأهل أو الاقرباء من الدرجة الأولى ضد ابنائهم كالتهديد والإيذاء جسدياً أو نفسياً وحتى لفظياً أو أقتصادياً.
ينشأ العنف الأسري ضد الطفل لأسباب عديدة كالضغوطات الحياتية التي تعاني منها الأسرة من وضع أقتصادي وانخفاض الدخل والمستوى المعاشي المتدني، أو لكثرة المشاكل التي تنشأ بين الوالدين والتي تنعكس بأفعالهم الاستفزازية أحدهما للآخر على أطفالهما بإيذائهم والاعتداء عليهم بالضرب المبرح والآلات الجارحة والحرق، مما يؤدي الى تشويه أجسادهما بالكدمات والتسبب لهما بعاهات أو قد تؤدي بهما الى الموت.
وقد حددت المواثيق الدولية بأن كل عنف يقع على شخص لم يكمل الثامنة عشر من عمره يدعى بالعنف ضد الاطفال. وكما نعلم بأن الطفل في المجتمع فئة ضعيفة وذلك لعدم أكتمال نموه الجسدي والنفسي، وهو أكثر الفئات التي تحتاج الى العناية والاهتمام، والدفاع عن حقوقه لكي يعيش بأمان وسلام بعيداً عن الصراعات التي تحدث داخل الأسرة.
وقد كثرت الحوادث التي يكون ضحيتها دوماً الطفل من جراء تعرضه للتعذيب والاضطهاد الجسدي والنفسي، ومن أقرب الناس إليه وهما والديهِ، أو من أحد المقربين من الوالدين كزوج الأم أو زوجة الأب عند انفصال الزوجين والزواج بشريكٍ آخر، وهذا ما يؤثر سلباً على اطفالهما.
وقد لاحظنا من خلال الأعلام المرئي والمقروء والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الأجتماعي تعرض الكثير من الأطفال للعنف المخيف والمرعب وبأستخدام شتى الوسائل التي تؤذي جسدهم الغض وتؤثر سلباً على نفسيتهم.
مثال ذلك: في بلدي العراق حدثت العديد من حوادث العنف ضد الأطفال ومنها تعذيب من قبل الوالد والعم لأطفال بربطهم في مروحة سقفية والقيام بتشغيلها والصغار تتوسل وتصرخ مع بكاء يفطر له القلب لأيقاف هذا التعذيب… وحادثة أخرى لزوجة أب قامت بتعذيب أبن زوجها وضربه حتى الموت… وهناك الوالد الذي ترك طفلتين في الشارع تحت اشعة الشمس الحارقة بحجة ذهابه لشراء لهما بعض الحاجيات… وقبل أيام قليلة القت أم بأطفالها احدهما فتاة بعمر سنة و8 أشهر والاخر صبي بعمر ثلاث سنوات في النهر من جسر الائمة، بسبب ربح الأب قضية حضانتهما، وبحجة لحرق قلب والدهما، والكثير من الجرائم التي يكون ضحيتها الأطفال الأبرياء.
ولتجنب من ممارسة العائلة العنف ضد اطفالها… لذا يقع على عاتق الدولة مهمة الحد من ظاهرة العنف الأسري ضد الطفولة البريئة، وفرض أشد العقوبات لكل من يحاول تعنيف صغار السن، ومحاولة لحرمانهم من الحياة ليكون عبرة لغيره، أو أبعاد الابناء بعمر الطفولة والذي تعرضوا للإيذاء من قبل ذويهم عن اسرتهم، لكونهم لايملكون القدرة على تربية ابنائهم كما يجب.
كذلك على المؤسسات المجتمعية والمدافعه عن حقوق الأنسان والمنظمات الغير حكومية أن يكون لها الدور الأكبر لمتابعة قضايا تعنيف الأطفال، وإيجاد الحلول اللازمة لمنع حدوثها ومنع أي ضرر أو أذى ضدهم، بالأضافة الى تنظيم برامج توعوية وتثقيفية للأسرة والتي تعاني من اضطرابات نفسية ونزاعات وصراعات داخل الأسرة، والوصول الى الحلول السليمة التي تساعد ابنائهم للعيش في ظل عائلة يسودها حب التفاهم والألفة والمحبة والأحترام.
وللدولة والمؤسسات ايضاً دور مهم بوضع برامج خاصة للأسر التي تعاني من المشاكل في داخلها، والتقرب إليها لمعرفة سبب الخلافات والاطلاع على الظروف المعاشية والحالات التي تعاني منها والتي أدت الى خلق الضغوط النفسية… كالأدمان على الكحول والمخدرات ومعالجتها وتقديم يد المساعدة قدر الامكان.
كما يتعيتن على حكومة الدولة تشريع القوانين الرادعة لمحاسبة المقصرين والمعنفين بحق اطفالهم وعدم توفير الجو الملائم لمعيشتهم، وأخذ تعهد من الوالدين بالحفاظ على ارواحهم، وعدم المساس بها وإلا جرد من حضانتهم، وأعطائهم لعائلة قد حرمت من أنجاب الأطفال لتعتني بهم وتحتضنهم ليعيشوا في سلام وأمان.
أيها الوالدين أطفالكم أمانةً في أعناقكم… لاتقتلوا البراءة والطفولة بحجة التأديب وتعليمهم التربية الصحيحة… لأن التعنيف والأذى للطفل لاتؤدبه بل تؤذيه في جسده ومشاعره، لكن عليكم محاولة التقرب إاليه واحتضانه والنزول الى مستواه العقلي لتفهموا ما يفكر به وتتجاوبوا معه، وبهذا التصرف السليم تجعلوه يفخر بكم مستقبلاً ويحاول التشبه بشخصيتكم… وسيحترم جهدكم وتعبكم في تربيته حين يكبر… أزرعوا به المحبة والألفة والتشجيع لبناء مستقبل زاهر بالعطاء والتقدم، لأنهم جيل المستقبل وبهم تبنى الأمم وتتقدم.
تعريف العنف: من بحث تحليل ظاهرة العنف وأثره عى المجتمع ( د. اسماعيل مجاهد)