لسنا في زمن أبرهة
أشرنا في المقال السابق عن صفقة القرن وفكرة إنشاء الولايات المتحدة الإبراهيمية ونشير أن تلك هي الاستراتيجية أي المنظومة العامة التي تحكم الفكر أما التكتيك فهو وسيلة التنفيذ وتتجلي علينا كرائعة النهار إحدى تلك الوسائل ألا وهي تغير مفهوم فكرة الأمن القومي في الشرق الأوسط ففكرة الأمن القومي فكرة إنسانية اجتماعية من الصعوبة وضع تعريف جامع مانع لها ولكن يمكن تحديدها من خلال عناصرها المختلفة فمنها قدرة الدولة العسكرية لحماية كيانها وهو عنصر لا يمكن إنكاره ولكنه ليس هو الأهم والذي يستغرق كافة العناصر الأخرى لان الانكباب فيه يؤدي كما أشارت سسيولوجيا التاريخ إلى انهيار من يسير في فلكه وليس لدينا مثال ابرز من الاتحاد السوفيتي والذي كان يمتلك ترسانة لا نذير لها من الأسلحة العتية الفتية إلا ان ذلك لم يمنع من انهيار ذلك الكيان العملاق لان غاية المحافظة علي امنه القومي لم تخرج من بوتقة اعلاء القوة العسكرية ضاربا بعرض الحائط بسائر العناصر الاهم والاجدر بالحماية لذا خط بيده ذلك المصير .وما يعننا في هذا المقام آجل عناصر الأمن القومي ألا وهو حماية قيم الدولة الداخلية من الاعتداء الخارجي .
ونقول بحق أن موات الأمم بموات القيم والعبث بهذا العنصر هو معول هدم لأي دولة أو أي قومية ودون الخوض في التعريفات الكثيرة التي قيلت عن القومية .أرى أنها قاسم مشترك يجمع بين عدة دول أو شعوب وقد يكون ذلك القاسم هو الدين أو اللغة أو العرق… فالقومية ذات هدف توحيدي بنائها التحتي وقوامها الرغبة في العيش المشترك من خلال الانصهار وهي القومية في أعلى صورها أو التعاون وتضافر الجهد وتوحيد المبادئ للحافظ على مقدرات تلك الشعوب الداخلية والخارجية .
وهنا تكون نقطة انطلاق مخططي صفقة القرن إلا هو مشروع الشرق الأوسط الجديد تحت مسمى الولايات المتحدة الإبراهيمية وكانت أهم وسائل التنفيذ لذلك على أرض الواقع هو تغير مفهوم فكرة الأمن القومي العربي من خلال
العبث بأهم عناصره وهو اختلال القيم الراسخة بالمجتمعات العربية والإسلامية وبالتالي تغير الخريطة القيمية لها والنيل من قيمها الراسخة التي جبلت عليها ولعب الإرهاب الإعلامي دورة البارز في هذا المضمار على حد وصف جورباتشوف واستطاع بلا مداهنة النجاح في تغير قيم المجتمعات العربية المتدينة وإدخال أفكار مريبة وخبيثة في الأذهان منها ما تعلق بثوابت الديانة ومنها ما حض على الفجور وانتهاك ستر الحياء ومنها الاعتياد على الجهر بالسوء قولا وفعلا وليس أدل على ذلك مما صار عليه حال شبابنا ذكورا وإناثا من انحدار قيمي وأخلاقي تحت مسميات مسمومة غريبة عنا غادرة بمواطن عظمتنا ترة المدنية والحداثة وترة اخري الموضة .
والتخلي عن القيم الدينية السمحة وتعاليم الخالق هي غاية لتجريد تلك الشعوب من أعظم سلاح للحافظ على أمنها القومي وجعلها فريسة تتخطفها يد الرد لفعل ما تشاء بها وتأكد لنا سيموطقيا المعرفة ذلك أن مجتمعاتنا العربية تعج بالأفكار الغريبة والمسمومة التي غيرت من عقائدها الراسخة والدليل على نجاح ذلك أن عدو الأمس بدا في الآفاق صديق اليوم فبعد أن كانت إسرائيل العدو الأول بل الأوحد في الأغلب أصبح تخترق مجال الصداقة اليوم وبالتأكيد ستأخذ استراتيجية الأمن القومي منحي آخر لأن العدو لم يصبح عدوا بعد العبث الممنهج بقيمهم ولهذا لم تعد سنون رماحهم مواجهة إليه ولكن إلى عدو اخر اعتقد انه وفقا للواقع ستكون ايران التي عكفت علي تنمية قدرتها العسكرية دون النظر لما يحيق بها من مشكلات واختلالات هيكلية في اقتصادها والتواري عن الجيران وسوء العلاقات كل ذلك مع تغييب اهم القضايا العربية القضية الفلسطينية .
وهنا بالقطع يتغير مفهوم الأمن القومي العربي وتهيئ البيئة لإتيان المشروع المزمع وليس أدل على ذلك من السعي وراء اتفاقات الدفاع المشترك ووضع قواعد عسكرية للكيان الصهيوني في المنطقة.
حيث سيصبح عدو كل الزمان رفيق الدرب وحامي الأوطان إلى أن يصل إلى ما يصبو إليه وهو ما سلف الحديث عنه عندما
يحق علينا القول .مالي لا أرى أمتي لا يرفعون رماحهم في وجه العدو وتكون الإجابة .الدين واهي الدعائم أفيقوا يا عرب أن تنصروا الله ينصركم لسنا في زمن أبرهة