ظاهرة الزواج المبكر
في حياتنا العديد من القضايا الأجتماعية والتي تطرح أمام الرأي العام، وتعاني منها فئة معينة من أبناء المجتمع… والزواج المبكر هو أحدى الظواهر التي أثرت بشكل سلبي على من أرتبط وتزوج في الوقت الذي يكون به غير مؤهلاً للزواج والارتباط العائلي وأنجاب الأطفال.
في البداية سنتطرق الى تعريف الزواج…
الزواج: هو عقد شرعي بين رجل وامرأة في كل الأديان، الأساس فيه رضا الطرفين، يهدف لبناء أسرة في المجتمع يسودها حب التفاهم، ويقع على الزوجين حقوق وواجبات متبادلة احدهما أتجاه الآخر.
وقد أكدت جميع الأتفاقيات الدولية ضرورة وجود الوعي الكامل والنضوج والأرادة السليمة لدى الطرفين في الزواج، والأساس في ذلك السن القانوني… وحسب أتفاقية حقوق الطفل: الطفل هو كل من لايتجاوز عمره ثمانية عشر، أو لم يبلغ سن الرشد، وكل دولة حسب ما تقرره في سن البلوغ… كما أكد الأعلان العالمي لحقوق الأنسان على الحق الكامل للرجل والمرأة بالزواج وتأسيس أسرة متى بلغا السن القانوني.
إذا الزواج المبكر ممكن تعريفه كما يلي:
هو زواج الأطفال تحت سن البلوغ أو الرشد، ومن وجهة نظر القانون في الدول التي تصادق على اتفاقيات حقوق المرأة والطفل زواج الأطفال تحت سن الـ 18سنة من عمرهم.
وفي أتفاقية سيداو في المادة 16 الفقرة الثانية والتي تتطرق الى القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (خطوبة الاطفال وزواجهم ليس لهما أي أثر، لذا يجب أتخاذ الاجراءات التشريعية جميعها لتحديد سن أدنى للزواج وتسجيله في سجل رسمي، وخرق هذا البند يتم إذا كان أحد الزوجين دون سن الثامنة عشر، ولم يكتمل نموه الجسدي، وبهذا يعد زواجهما قانونياً زواج أطفال).
تلجأ بعض العوائل الى تزويج ابنائهم في سن مبكرة وخاصة الفتيات لعدة أسباب منها:
-نظرة الأهل للفتاة القاصر بأنها اصبحت امرأة ويجب التخلص من مسؤوليتها، يدفعانها الى الرضوخ والقبول بالزواج دون وعي وأدراك الى السلبيات التي ستواجهها خلال حياتها الزوجية في هذا السن المبكر، لتحمل المسؤولية العائلية وهي لا زالت بحاجة الى العناية التربية من قبل والديها.
– قد يكون للوضع الأقتصادي دوراً كبيراً في تزويج الفتاة مبكراً، ولسوء الوضع المادي الذي يرهق العائلة مما يدفعهم الى تزويجها بالعريس الذي يتقدم لهما محملاً بمبالغ كبيرة قد تغريهم، وبهذا يعتبر زواج ابنتهم باكراً صفقة مربحة.
– نظرة المجتمع للفتاة التي تتأخر في زواجها بأنها قليلة الحظ، والخوف من مكوثها في بيت الأهل لتصبح عانس وثقلاً على الأهل، وقلقهم المستمر وخوفهم عليها مستقبلاً حين مغادرتهم الحياة.
– وجود الاتجاهات والتيارات الدينية التي تحفز وتشجع على الزواج المبكر، بالأضافة الى وجود العلاقات والتقاليد المتوارثة في المجتمعات وخاصة الريفية بالزواج من الاقرباء واولاد العم.
– يفكر بعض الاهالي بأن تزويج الفتاة في سن مبكرة هو حفاظاً على شرف العائلة وضمان سلامة الفتاة من الأنحراف والانجراف في تيارات المجتمع وسلوكياته، والذي قد يسيء الى سمعة وشرف العائلة.
أن الزواج المبكر وللفتاة خاصة له العديد من التأثيرات السلبية :
-لصغر سن الزوجين تأثير على الطرفين عند الارتباط وتكوين أسرة، حيث يكون الزوجان غير مؤهلين لتحمل المسؤولية لبناء أسس ترتكز عليها العائلة وأنجاب الاطفال وتربيتهم… وهذا قد يؤدي الى عواقب وخيمة ومشاكل مستمرة بين الجانبين تكون نهايتها الطلاق والتي ستؤثر بصورة سلبية على الابناء مستقبلاً، وهذا ما حدث فعلاً في المجتمعات… وقد سمعنا وشاهدنا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية العديد من المشاكل بسبب الزواج المبكر… كالمشكلة التي تم عرضها في مقالة العنف الأسري للطفل، الأم التي قامت برمي اطفالها في نهر دجلة لتحرق قلب زوجها بسبب حصوله على حضانة الأطفال… وحسب المصادر التي تبحث في القضية انها في الثامنة عشر من عمرها، وقد تزوجت وهي في عمر ال14 سنة، وهذا نتيجة لعدم الأدراك والفهم للمسؤولية العائلية وما يتطلبه منها أتجاه أطفالها.
– الزواج المبكر قد يعرض الفتاة الى مشاكل صحية ونفسية وذلك لضعف جسدها، لكونها لا زالت طفلة لكي تمر بمراحل الحمل والأنجاب والتي تؤثر على طاقتها البدنية ونفسيتها.
– قد تحرم الفتاة عند الزواج المبكر من التعليم وأكمال دراستها، وهذا يؤدي الى أضعاف شخصيتها لعدم تمكنها من أثبات وجودها نفسيا وفكرياً واقتصادياً، وحرمانها من ممارسة العمل كغيرها من بنات جنسها.
– قد تتعرض الفتاة في هذا العمر لقلة الوعي والدراية والفهم في الأمور العائلية الى العنف من قبل الزوج وأهله مما يؤدي الى فقدانها السيطرة على نفسها لسوء حالتها النفسية مما يدفعها الى الاقدام على الأنتحار… أو الطلاق والعودة الى بيت الأهل مستصحبة معها ابنائها الذي لا ذنب لهم بهذا الأنفصال، أو ربما حرمانها من تربيتهم لعدم قدرتها على تحمل مسؤوليتهم لتكون حضانتهم للأب.
– للحد من ظاهرة الزواج المبكر… يجب أن تتخذ الدولة كافة الأجراءات والتدابير اللازمة للحد من هذه الظاهرة وتشريع قوانين يحدد بها سن الزواج المسموح به وتوفير الحماية اللازمة للفتيات داخل الأسرة والمجتمع، ومحاسبة المقصرين من العائلة عند تزويجهم مبكراً وحرمانهم من حياتهم وتعليمهم، والدفاع عن حقوق الفتيات القاصرات وعدم المساس بها بأعتبارهم لازالوا في عمر الطفولة.
– نشر الوعي والتثقيف الأجتماعي من قبل المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني للعوائل، وبكل ما يتعلق بالآثار الجانبية والتي تؤثر سلبياً على الفتيات من جراء الزواج المبكر في الحالة النفسية والجسدية والصحية.