إنهم يحجرون على عقولنا…
أنا أفكر إذاً أنا موجود، قالها الفيلسوف الفرنسي “رينيه ديكارت” قبل أربعة قرون مضت. العقل من أعظم النعم، التي يميز به الإنسان بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، وبين النافع والضار، أودعه الله بدن الإنسان يدرك به الصلاح من الفساد، وميزه عن سائر المخلوقات، فقد جعله بالعقل يدرك حقائق الوجود، ويميز بين والحلال والحرام، وبه يهتدي إلى تحقيق المصالح واتقاء المضار.
بالعقل إبتكر الإنسان الآلات، وبالعقل إهتدى نيوتن إلى قانون الجاذبية، وإديسون إلى آلاف الإختراعات التي مازالت تخدم البشرية إلى يومنا هذا، وقبل هؤلاء وغيرهم كان العقل المسلم قد أعلن عن نفسه، فنجد الزهراوي الذي ألف موسوعة في علم الجراحة، والذي استمد منها الأوربيون علمهم لأكثر من خمسمائة عام، والخوارزمي في الرياضيات، وابن الهيثم في البصريات، والرازي وابن سينا و ابن حيان، وعباس بن فرناس وغيرهم…
في العصر الحديث لم يجد العقل العربي له مكانا على أرضه، لأنه وجد اختراعه موضوعاً فوق أرفف تعلوها الأتربة، فهاجر إلي بلاد تقدر العلم والعلماء، وتجلهم وتحترمهم وتضعهم في مكانة تليق بهم.
في العصر الحالي نجد أن ميزانية كرة القدم تمثل مائة ضعف ميزانية البحث العلمي والتعليم عموماً، والإعلام الذي بدأ يطعن في الصحابة، ويمجد في توافه الأمور والتركيز على نشر أخبار الساقطين والساقطات على حساب القيم والأخلاق والمبادئ.
إنهم يريدون شعوب بلا عقل، شعوباً تقدس اللهو وتسبح في دخان المخدرات، شعوباً لاتدري ليلها من نهارها أو الغد من الأمس.
يريدون لعقلك أن يتوقف، ويرتاح من كل شئ، لأنهم بكل بساطة يفكرون نيابة عنك، ويرون مالا تراه، رأيك خطأ على الدوام، ورأيهم سديد ورشيد حتى وإن كان يعمل لصالح أجندات خارجية من شأنها القضاء عليك وعلي ماضيك ومستقبلك ووطنك!!
يخشون من عقلك إذا ما دارت تروسه، ويتملكهم الهلع ويأكلهم الرعب، لأنهم ببساطة يعلمون أن نهايتهم مرتبطة باستعادة عقلك عافيته.