التيه في جدلية الأمس..ضياعٌ لليوم
أن نقاشاتنا المتواصلة على مواقع التواصل الإجتماعي أو في أي مكان آخر،المُتمْحورة في: مجمل أسباب ناتج اليوم/فعل البداية الذي يصبح اليوم في خانة الأفعال الماضية؛ هي نقاشات[لا تقدم ولا تؤخر في الأزمة اليمنية الكارثية الحاصلة في عموم بلادنا.]خصوصا إن كانت نقاشات إجتماعية صرفة ،على مستوى أبناء قرية أو حارة في مجموعة بالواتس مثلاً.
أطراف النزاع والحرب هناك في ساحات القتال وميادين السياسة ،يتقاتلون ويتصارعون بكل أنواع الأسلحة المختلفة ومن خلفهم حلفاءهم..
ونحن هنا -في مواقع التواصل-نحلل ونتناقش مايفعلونه ، ولا يعلمون أين ولدتنا الجرادة؟!
كما يقول مثل شعبي يمني. ولا تصلهم انتقاداتنا واراءنا.”نحن في وادي وهم
في وادي آخر.”
إننا نفعل ذلك بكل ضراوة! ودونما أي إدراك لمدى خطره..الذي أقله : ذهابٌ للوقت، إرهاقٌ للروح ،والعودة منه بـ”خفيّ حنين”.وهكذا يساهم المنخرطين-وهم كُثر- في تلك “الجدلية” بطرق مباشرة في خلق مزيداً من الظلام فوق ظلامنا الدامس.!
وأمام وضع سياسي معقد كهذا..وبدل من إهدار أثمن أوقاتنا في تحليلاته بإرجاعها إلى جذورها وماضيها.برغم أن أي مشكلة لاتعالج إلا بالنظر إلى جذورها ،ولكن ذلك ليس من شأننا الآن ، إنه شأن المتشاورين لمصالحة عامة لكل الأطراف اليمنية المتصارعة.
إن مايجب علينا الآن،هو:محاولة إدراك ووعي التعقيد اليمني الحاصل وفهمه واستيعابه،وذلك في محاولتنا الإجابة على الأسئلة التالية:
-من الذي يساهم بأي شكل من الأشكال اليوم في تعقيد المشهد اليمني أكثر وأكثر؟!
-من هم أعداء الشعب؟
-تحديد العملاء والمرتزقة الذين ينفذون أجندة دول آخرى؟!
-لماذا تزداد الأوضاع في مناطق سيطرة الشرعية سوءا وبينما مناطق الحوثي مستقرة؟
-لماذا لم يتحرك هادي وحكومته لإنقاذ البلاد؟
-كشف جرائم التحالف ، ومساهمته المباشرة في تأزيم وضع مناطق الرئيس الذي هبو من أجله.ولماذا يفعلون كل هذا القبح بنا.؟
-كيف يمكن إنقاذ أنفسنا في ظل وضع كهذا: ملشنات، تحالف غادر ، حكومة عاجزة ، ورئيس بليد لايفارق فراش نومه؟
-كيف لنا أن نتوحد جميعاً كيمنيبن، ضد الحوثي باعتباره عدو كل اليمنيين؟
-كيف لنا محاولة إنقاذ ، عدن من الرعب الخفي ، وتعز من البلطجة الظاهرة ، والمهرة وسقطرى من صراع الدول عليهما ،ومأرب من هجمات الحوثي..الخ؟!
لنترك الحديث عن :ثورة ١١ فبراير بأنها فعل جميل أو غير جميل،ورحيل صالح وقتل عفاش وذكرى الزعيم. وكيف قَدِمَ الحوثيون، وكيف سُلمت صنعاء ولماذا ومن ساهم بذلك التسليم،وكيف بدأت المقاومة وبمن ،ومن يحارب الحوثي الآن.وعن عودة المدرس إلى مدرسته، ولماذا يتمسك بالمشهد الآن برغم اخفاقاته.ومن دعى الخليجيون لدخول اليمن ،ومن أيّد عاصفة الحزم ، ومن قال شكراً سلمان،ومن ندم بعدها على شكراته.؟؟؟
لنترك الحديث عن سلسلة أحداث البدايات التي أفرزت لنا هذه النتيجة المؤلمة:ما نشاهده اليوم جميعاً وفي كل مكان.ولننخرط جميعا داخل(المشهد العام الذي نعيشه اليوم)ونحاول تفكيك تركيبته المعقدة ونفكر بـ”كيف سنخرج منه.؟!!
إن تَرك البداية التي حدثت لظروف ومتغيرات طبيعية وغير طبيعية ،خاطئة وصائبة.والخوض في عمق وسط أزمتنا الراهنة..لا يعني التماهي مع المسبباب الأساسية وتبرءتها من أخطاءها.ولكن لأن التيه في جدلية الأمس لايزيد الطين إلا بلة.ولايصب في صالح الإنفراجة التي يأملها كل الشعب.لتلك البدايات سياقات تأريخية دُونت كحقائق زمنية لاتقبل القسمة على المغالطة والتشويش، ولا أحد يستطيع سردها في سياقات أخرى عن تلك التي جرت فيها.وإن فعلوا،أي حاولوا تمييعها، فإن فعلهم يؤثر في الناس لا في الحقائق نفسها.ولنا مع التاريخ أحاديث طويلة عنها يمكن فتحها بعد خلاصنا من بؤس اليوم.!
واقع اليوم بحاجة إلى اصطفاف وطني.ما عدى ذلك ذاهب ٌ نحو مجهولٍ شديد الفَّتك والظلمة، وهو ما لم يعد يطيقه المواطن اليمني.كل ما نحن عليه يشير إلى أن موتٌ قد حل بإيماننا والحكمة ..أمطرنا يارب لنحيا من جديد.