الصناعة التقليدية.. حضارة قومٍ آتت أُكلها
تعتبر الصناعة التقليدية من اعظم النشاطات في بلاد شنقيط واكثرها طلبا فقد كانت من ابرز العوامل الاقتصادية وأشهر مكونات التراث الشعبي ورموز الحضارة الشنقيطية.
* وتنقسم الصناعة التقليدية الى شِقين:
* أ -صـنـاعـة تـعـتـمـد عـلى أيـادي الـرجـال:
* وهي التي تتطلب أعمالًا شاقة كقَطع الخشب لتصميم معظم مستلزمات الخيمة الموريتانية من أواني كَأوعِيّةِ الشراب ومنها:
* “الگَدْحَة” وهي قَدَحٌ لشرب الماء أو اللبن أو مزيجٍ بين الإثنين ويعرف محليا بـ(ازْريگ)
* “التّادِيتْ” وهي إناء ذو مِقبضٍ تُحلب فيه الأبقار والغنم
* “آدْرِس” وهو وعاء على شكل نصف كرة مُخصصٌ لحلبِ الإبل وعادة ما يكون كبيرا ليستوعب مايدر به ضرع الناقة.
* هذا إضافة إلى أشياء تتعلق بالأثاث منها على سبيل المثال:
* “أشَقّابْ” ويطلق على على قاعِدةٍ خشبية بأربعة أرجل، وتكون مُنزَويةً في أحد جوانب الخيمة، يوضع المتاع على سطحها.
* ولم يقتصر أداء الرجل الموريتاني في الصناعة على لأثاث والأواني بل جاب ساحات الحرب والقتال حيث اعتَمدت المقاومةُ العسكرية ضد الاحتلال على الصناعة التقليدية في صُنع مختلف الأسلحة الفتاكة على غرار المدافع والذخائر من رصاص وسيوف… كما تكفلت الصناعة بتوفير عتاد الفارس الموريتاني كسروج الخيل التي تُصنع من جِلد الحيوان والقُماش، وما يُعرف بـ”الرّاحْلَة” وهي كرسي تحيط به جوانب خشبية قوية، تكون إحداها خلف ظهر الفارس كي تمنعه السقوط في المعركة، واوحدة عن يمينه وأخرى عن شماله، والرابعة تكون أمامه ليمسكها وهي حزام الأمان عنده.
* هذا إلى جانب مساهمتها في التعليم سنأخذ منها نموذجًا
* “اللوح”: قطعة خشبية مستطيلة يستخدمها الطالب المحظري فيكتب على أوجهها القرآن الكريم، وتقطع من نوعٍ خاص من الشجر،
* ب -صـنـاعـة تـعـتـمـد عـلى أيـادي الـنـسـاء:
* وكان لها حضورها في الحضارة الشنقيطية في شتى جوانبها ونذكر منها على سبيل الإيجاز:
* الخيمة: وتُصنع من وبَر النِعاج غالبا، وهي عملية صعبة تتطلب التدقيقَ والكِيّاسة، وتقوم على الاستراتيجية التالية:
* “ازَّزْ”: ويقصد هذا المفهوم عملية قطع الوبر
* “الرّشْ”: ويعني رشَّ الوبر بالماء حتى يسهل التعامل معه
* “البَطّْ”: وهو ضرب الوبر بآلة مسطحة ليمتد وينعم بعد أن كان مُجعّدا.
* وكل تلك المراحل تمهيد وتجهيز لتدخُل العملية في أصعب أهم مراحلها، وهي تحويل كَوْماتِ الوبر إلى خيوط مَتينة، فتأخذ كل امرأة كومة من الوبر وتبدأ “ببَرمِ”(فَتلِ) قِطع صغيرة منه لتوصِلَها ببعضها فتُكوِّن خيطا غليظا اوحيلا رقيقا وهكذا، إلى أن تجهز عدة خيوط -حسب طول الخيمه وعرضا- تمد الخيوط طولا فتأتي خيوط أخرى عرضا لتُنسَج مع خيوط الطول فوق الأول وتحت الثاني وهكذا…
* “لَحْصِيرة” وهي فراش الخيمة وتعتمد على جلب عيدان رقيقة طويلة ومتساوية لتُنسج ببعضها بخيطٍ متين -يصنع من جلد الحيوان-على طريقة إبداعية تطريزا ورسماً
* “إلِوِيشْ”: بساط أساسه جلد الحيوان وفي وجهه العلوي فروٌ كثيف، وهو خاص بالضيوف لِلينِه
* “لُوسَادَة”: هي المخدة او الوِسادة وهي عبارة عن كومة من القطن او القماش… ذات غشاء جِلدِيِّ مزخرف بأزهى الألوان مُهدّبٌ من كل النواحي
* “الگرْبَة”: وهي قربة الماء، وتُصنع من جلد الغنم ولها مراحل تصنيع، وتكون في مكان ظليل لكي يبرد ماؤها، فللماء البارد قيمتُه في الصحراء.
* “الشِّكْوَة”: وفي شكلها لاتختلف عن القِربة إلا قليلا، وهي مخصصة لِخضِّ اللبن فتروبه أي تجعله ثخينا مركَزا.
* “التَّزايَة”: حاوية جِلدية كبيرة ذاتُ مقابض كالحبال مفتولة من الجلود، توضع فيها مؤن المعيشة غالبا.
* “الحِنَّة”: وتصنف الحناء ضمن مستلزمات التجميل، فعند كل مناسبة تخضب المرأة الموريتانية يديها بالحناء كرمز للفرح.
* وشملت الصناعة في شنقيط مختلف أنواع الآلات الموسيقية التي نذكر منها:
* “التّيدِنِيتْ” وفي تعريفها هي غيتار يستخدمه الفنان الذكر في إحداث رنات تقليدية تتماشى مع صوت المُغني
* “آرْدِينْ”: وهو نظير “التِّيدِنِيتْ” عند الفنانات من النساء.
* لم نستطع الإحاطة بكل ما تقدمه الصناعة التقليدية من خدمات لأن التوقف عند كل نقطة قد يتطلب عديدَ صفحات بل ومجلدات كثيرة.
* كل ذلك كان مختصرا -بل معتصرا من مختصرٍ- لموقف الصناعة التقليدية من الحضارة الشنقيطية، إذ تعتمد عليها كأبرز مكون ثقافي وأكبر عامل في بناء حضارة المجتمع “البِيظانِي”.