المولد النبوي نور ورحمة
إن الكلام عن الذهب المصفى والماس النادر والنور الأعظم حضرة سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وهو سبب الخلق والوجود ، هو كلام عن نور وشريان الحياة ، أنه روح الأرواح ونور الله الأسنى وفخر الكائنات ، والاحتفالي بالمولد النبوي فيه تعبير حي عن المشاعر المقدسة والعشق والحب الحقيقي للنور المحمدي الأعظم في عقل وقلب وروح كل إنسان مؤمن محب صادق بالله العلي العظيم ، وهذا بشارة الخير وراحة البال للقلوب والعقول والأرواح فتخرج من كل همومك والضيق إلى الأفق الرحب الأوسع ، وهذا يعني أن الفرح والسرور في عيد المولد النبوي هو فرح برحمة الله وفضله سبحانه وتعالى قال تعالى ( قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) وفي هذا المقام نذكر بحدود الشريعة والطريقة وأقوال أهل الحقيقة ما قالوه في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف ، حيث ذكر الإمام السيوطي بقوله ( أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف ).
وقال ابن الجوزي عن المولد النبوي ( أن من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام ) وذكر ابن حجر العسقلاني ( يستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة.. إلى أن قال : وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي.. نبي الرحمة في ذلك اليوم , وأما ما يعمل فيه من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة ) وقد ذكر السخاوي، حيث قال عن المولد النبوي ( لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم ) .
وقال ابن الحاج المالكي عن المولد النبوي ( “فكان يجب أن نزداد يوم الثاني عشر في ربيع الأول من العبادات والخير شكرا للمولى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة وأعظمها ميلاد المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم ، ومن تعظيمه صلى الله تعالى عليه وسلم الفرح بليلة ولادته وقراءة المولد ) .
وذكر ابن عابدين ( أن الاجتماع لسماع قصة صاحب المعجزات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات من اعظم القربات لما يشتمل عليه من المعجزات وكثرة الصلوات ) وقال الحافظ عبد الرحيم العراقي ( إن اتخاذ الوليمة وإطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إذا انضم إلى ذلك الفرح والسرور بظهور نور رسول الله في هذا الشهر الشريف ) وذكر أبو شامة ( أن إظهار الزينة والسرور في مولده، فإن ذلك مشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين ).
وذكر الشهاب أحمد القسطلاني ( فرحم الله امرؤاً اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا ) وَإِنَّمَا هَذَا اعْتِبَارٌ لِلتَّذْكِيرِ بِالْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ الْمِقْدَارِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم:5] وذكر حسنين محمد مخلوف شيخ الأزهر، حيث قال (إن إحياء ليلة المولد الشريف وليالي هذا الشهر الكريم الذي أشرق فيه النور المحمدي هو سنة حسنة ) وذكر محمد الفاضل بن عاشور في قوله: (إن ما يملأ قلوب المسلمين في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول كل عام من ناموسِ المحبة العُلوي، وما يهزّ نفوسهم من الفيض النوراني المتدفق جمالا وجلالا، ليأتي إليهم محمّلا من ذكريات القرون الخالية بأريج طيب ينمّ عما كان لأسلافهم الكرام من العناية بذلك اليوم التاريخي الأعظم ) وقد ذكر أمام الدعاة محمد متولي الشعراوي حول الإحتفال بالمولد، حيث قال: ( “وإكرامًا لهذا المولد الكريم فإنه يحق لنا أن نظهر معالم الفرح والابتهاج بهذه الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام وذلك بالاحتفال بها من وقتها ) .
وذكر المبشر الطرازي ( إن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف أصبح واجبًا أساسيًا لمواجهة ما استجد من الاحتفالات الضارة في هذه الأيام ) وذكر محمد علوي المالكي، حيث قال: ( إننا نقول بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والاجتماع لسماع سيرته والصلاة والسلام عليه وسماع المدائح التي تُقال في حقه، وإطعام الطعام وإدخال السرور على قلوب الأمة” ) أن تعظيم يوم المولد النبوي هو الرمزية الخاصة لتبيان حقيقة الحب والولاء والإيمان المطلق بالله سبحانه وتعالى برحمته الواسعة والتي بابها هو النبي الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم.
وقد قال نوح القضاة ( ولا شك أن مولد المصطفى من أعظم ما تفضل الله به علينا، ومن أوفر النعم التي تجلى بها على هذه الأمة؛ فحق لنا أن نفرح بمولده ) وذكر الشيخ علي جمعة مفتي مصر قوله (الاحتفال بذكرى مولده من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب له، ومحبة النبي أصل من أصول الإيمان ) وذكر محمد راتب النابلسي، حيث قال: (“الاحتفال بعيد المولد النبوي هو الدعوة إلى الله، ولك أن تحتفل بذكرى المولد على مدى العام في ربيع الأول وفي أي شهر آخر، في المساجد وفي البيوت ) وذكر محمد سعيد رمضان البوطي، حيث قال: (“الاحتفال بذكرى مولد رسول الله نشاط اجتماعي يبتغي منه خير دينيّ، فهو كالمؤتمرات والندوات الدينية التي تعقد في هذا العصر ).
وقد قال السيد الشيخ السلطان الخليفة محمد المحمد الكسنزان الحسيني ـ قدس الله سره العزيز ـ عن المولد النبوي الشريف ( مولد حضرة الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عبادة ، وهو يبعد المكروه ، ونحن نحتفل بذكرى نزول الطريقة ، نزول النور .ونحن نقول ظهور النور ، نور الله : ( قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ )
وذكر السيد الشيخ شمس الدين محمد نهرو الكسنزان القادري الحسيني رئيس الطريقة العلية القادرية الكسنزانية في العالم حول الإحتفال بالمولد النبوي الشريف قوله ( إن ضم الخالق جل جلاله إسم الحبيب المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم الى اسمه بثنائية ( لا اله الا الله محمد رسول الله) بيان منه جل وعلا على علو قدره وفضله صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم، فهو رحمة الله العظمى ( وما ارسلناك الا رحمة للعالمين) وهو فضل الله الواسع (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحو هو خير مما يجمعون)