بين الحريرية السياسية و العهد القوي !
لقد سيطر مصطلح الحريرية السياسية على الساحة اللبنانية منذ عام 1992،وذلك بعد دخول الرئيس الشهيد رفيق
الحريري المعترك السياسي، وأصبح وبفضل علاقاته العربية، والدولية، والداخلية، السياسي الأبرز في لبنان.
استطاع الحريري رغم ابتعاده عن رئاسة الحكومة مع بداية عهد الرئيس الأسبق العماد إميل لحود، وتنحيه عام 2004،
تكريس الحريرية السياسية في تلك الفترة من عمر لبنان كلاعب أساسيّ في الساحة الداخلية، وبقي مصطلح الحريرية السياسية متداولا حتى بعد استشهاد الاب و استلام الابن سعد الحريري زمام المبادرة كوريث للحريرية السياسيّة.
تراس سعد الحريري عدة حكومات بين2005 و2019 قبل أن تستقيل حكومته تلبية لمطالب ثورة17تشرين، وقرر بعدها تعليق عمله السياسي وخروجه من التركيبة السياسية طوعا بعدم مشاركته في انتخابات2022، وهذا أمر لم نعهده في السياسة اللبنانية، حيث أقرر زعيم أكبر كتلة نيابية عدم مشاركته الانتخابات النيابية وافساحه المجال للثوار لضخ دم جديد في الحياة السياسية في لبنان.
لكن رغم كل ما قيل سابقا عن الحريرية السياسية يمكن القول ان اللبناني شعر معها بأمان اجتماعي، ورخاء اقتصادي، فاللبناني كان باستطاعته التنزه، والزواج، وشراء ما يريد، والعيش ببحبوحة، وهذا امر لمسه حتى من كان يتقاضى الحد الأدنى للاجور، والذي كان لا يتجاوز السبعمائة ألف ليرة لبنانية 700الف ليرة.
اما الان، وبعد شيوع مصطلح العهد القوي، فلقد تم سحق الطبقة المتوسطة، لصالح الطبقة الفقيرة، وبات اللبناني
احد فئتين :غني يعيش بفضل الفريش دولار، او فقير يشعر بالهم، حتى لو أراد الذهاب لشراء ربطة خبز!
في العهد القوي، أصبح حلم اللبناني رؤية الكهرباء ولو لساعة في اليوم، والماء ولو كل أربعة أيام، والعثور على علبة الدواء! أما آخر إبداعات هذا العهد القوي، ما بشرنا به وزير الاقتصاد، ان اللبناني في الأيام القادمة سيكون بحاجة لبطاقة تمويلية لشراء ربطة الخبز، التي قد يصبح سعرها 30000ليرة، والتي هي كانت أجرة عامل في اليوم، يوم كانت الحريرية السياسية مسيطرة.
تعرضت الحريرية السياسية لانتقادات عديدة، ولكن في عهدها ،كان اللبناني الذي يتقاضى الحد الأدنى للاجور، قادرا على أن يدفع فاتورة الاشتراك، والدواء، والهاتف، والانترنت . وأن يملاأخزان سيارته بالوقود، وأن يذهب إلى المطاعم ويتبضع في الأسواق، هذا اذا لم يفكر بالسياحة.
أما في العهد القوي، فكل ذلك أصبح من المستحيل !وصرنا نشاهد من يقتل وهو يقف في الطوابير لشراء ربطة الخبز. وأصبح اللبنانييون عاجزين عن تأمين أبسط متطلبات الحياة ، كتعبئة هواتفهم بباقة الإنترنت الشهرية ،التي تحولت أسعارها
إلى دولار يفوق دولار السوق السوداء.
وأصبح اللبناني اذا اراد ان يقوم برحلة إلى البلاد المقدسة يحتاج إلى بيع قطعة أرض.
فشتان شتان بين الحريرية السياسية التي أنعشت لبنان ، والعهد القوي الذي أوصل لبنان حسب تصريح رئيس جمهوريته إلى جهنم.
ان من يقارن بين الحريرية السياسية والعهد القوي أشبه بمن يقارن بين النعيم والجحيم، أو بين الجنة والنار.
ولكن السؤال الذي يؤرق اللبنانيين هل أفلت الحريرية السياسية، بانسحاب سعد الحريري من المشهد السياسي إلى
غير رجعة؟ أم أن شمسها ستشرق من جديد، ولو مع حريري آخر، وسيعود اللبناني ليعيش البحبوحة؟!
✍️أحمد محمد وليد النشار ـ لبنان ـ عكار ـ