تكاتبوا ..
هو فهم قاصر للدين: حين تمسكنا بالعبادات وتركنا السلوكيات والقيم الأخلاقية، التي هي جزء لايتجزأ من الدين. ذلك الفهم القاصر حملنا “ديناً ناقصاً.” فرُحنا كمسلمين نقتطع جزءاً من شموليته وتكامله، لنقزمه من منهج حياة متاكمل إلى منهج عبادي يدور داخل إطار المسجد. هذه السردية الثقافية التي تكاد تصبح سلوك متوارث في الوسط الإسلامي.. أفرزت لنا: [مجتمعات مغشوشة].
اليوم ، يخون ويخدع الأخ أخيه ، ويغش الناس بعضهم بعضا، ويأكلون أموال اليتامى ، ويشهدون الزور ، ويفسدون بالأرض، ويسرقون حقوق الآخرين.
نمارس ذلك بلا تورع أو خوف من
الوقوع في الخطيئة التي تغضب الرب.
وكأن الله حين أمرنا بالصلاة والصيام، لم ينهانا عن ذلك.
يتعامل إثنين ، أخوه ، أو أصدقاء، بالمال أو التجارة ، أو التوكيل على حقوق. على أساس مبدأ الثقة والأمانة، في نهاية المطاف يطمع أحدهم، فيغش ويخون ويخدع. كثير من هذه القصص وقع ضحيتها أناس أفرطوا بثقاتهم لإخوانهم أو أصدقاءهم. فصُدموا من هول الخيانة! التي ما ظنوا أنهم سيتلقونها من أعز وأقرب الناس لهم. مجتمعنا ملئ بالخيانة والخداع والكذب.
أنزل الله الدين ليبني أمة متكاملة من أخلاقٍ وتوحيد. وجعل من نبيه محمد قطعة من القرآن تمشي على الأرض.
وحثنا كثيراً على الأخلاق. فالدين هو الأخلاق والأخلاق هي الدين ولا انفصام بينهما. مع ذلك وهو يعرف، جل في علاه، الطبيعة البشرية( التي تخون وهي تعلم يقيناً أن دينها يحرم الخيانة): شدد على كتابة توثيق كل شيء في التداين والتعاهد والمواثيق والتجارة. حيث قال في ذلك:( ولا تسئموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله) البقرة٢٨٢.
تكاتبوا مع الجميع: الأشرار والخَيرين، الصالحين والفاسدين، الموثوق بهم والمشكوك فيهم، الإخوان والجيران، الإصدقاء والغرباء. فالأخلاق بالغةُ الهشاشة والأيام ليست آمنة، والإنسان لا يبقى على العهد، إن لم يَخُنْ يطمع، وإن لم يطمع ينسى، وإن لم ينسى يموت.