حبيب سلام.. يوتوبور أمازيغي يشق طريق الشهرة من باب المحتوى النظيف الهادف

يوجد مثل أمازيغي متداول عند عامة الناس القدمى هنا في سوس مفاده أن “من لم يركب أمام منزله لن يركب أبدا ” ،أي أن قاصد السوق مثلا أو المسافر عليه أن يجد في محيط منزله دابة توصله إلى وجهته ،وإلا فلا أحد يستطيع أن يضمن له ذلك في مكان آخر في الطريق.

مغزى هذا المثل الدارج يشير إلى أهمية الرجوع إلى الأصل في كل بداية عمل يرجى له النجاح، وكم من عظيمٍ بلغ العلا لأنه عرف من أين يبدأ وإلى أين يريد الانتهاء، ولا يراهن أبدا على ما يمكن أن يحدث من معجزات قد تأتي في منتصف المسير أو لا تأتي.

أعتقد جازما -كمتتبع- أن المثل الأمازيغي الأصيل هذا ينطبق كثيرا على الشاب ابن منطقة آيت أحمد “حبيب سلام” الذي نراه بدأ يحصد ثمار عمله الجاد ويشق طريقه نحو النجاح بخطىً حثيثة منطلقا من أصله وثقافته ومحيطه لذلك أتنبأ له بالوصول إلى حيث يريد..

وقصة حبيب سلام بدأت بمنطقة نائية بآيت احمد أو “أيس حمز” كما يحلو له أن يسميها ،هناك رأى النور وترعرع قبل أن يسافر طلبا للعلم ولو في الصين فاستقر به المقام قرب مدينة شنكاي الصينية يدرس التجارة العالمية.

عشِقَ الحبيب كل ما له بثقافته الأم لغةً موسيقى وعاداتٍ وتقاليدَ وأعرافاً ، فنراه يوافق بين الدراسة وممارسة الموهبة فكانت نتيجته رائعة كما هو حال كل التجارب الأخرى المبنية على العلم والعمل،فليس سهلا أن يحاول طالب أمازيغي المنشأ التعريف بثقافة محلية محدودة- لا زال لم يسطع نجمها بما يكفي في سماء الثقافات العالمية – في بلاد المليار والنصف نسمة عبر فلوكات وفيديوهات هادفة جيدة المحتوى ،لكن ذلك على كل حال ليس مستحيلا على من يملك إرادة وشجاعة الحبيب.

وجاءت الأزمة الصحية العالمية وأُغلقت حدود البلدان العالمية فجأة على من فيها وتوقفت الدراسة في مدرجات الجامعات والكل يترقب ما ستؤول إليه الأوضاع العالمية مع انتشار الفيروس اللعين ” كوفيد التاسع عشر “، فكُتب للحبيب أن يغادر كوكب الصين أيام قليلة قبل إقفاله عائدا إلى أرض الوطن إلى بلدته الأم إلى الأرض التي أطلق فيها أولى صرخاته.

العودة إلى أرض الوطن واجراءات العزل الصحي لم تمنع الحبيب من مواصلة الدراسة عبر تقنيات التواصل التكنولوجية ،ولم تمنعه من موهبته التي عشقتها حتى النخاع ، كان له ما أراد ، فانطلق يجول البلدة يلتقي مع الناس البسطاء العاديين ينصت إلى أنينهم ويسبر أغوار ما لم يُكتشف بعد بدواخلهم وعمق عوالمهم.

أنجز الحبيب يتعاون مع شابين من رفقاء دربه الحسين وسعيد عشرات الفيديوهات والفلوكات الهادفة إلى التعريف بالمناطق الأمازيغية ومؤهلاتها السياحية والثقافية بلمسة أمازيغية خاصة أصيلة ولكنة عفوية خالية من كل تصنُّع، أدخلته قلوب الالآف من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي يتشوقون إلى جديد حلقاته بفارغ الصبر ،كما خاض بعد ذلك تجربة الغناء وإحياء الأغاني الخالدة الأصيلة بمحتوى نظيف وبأسلوب عصري شبابي مميَّز حققت نسب مشاهدات لم تستطع قنوات بعض “الكِبار” بلوغه في زمن انتشار التفاهة والبوز الفارغ والبطولات الكارتونية والمقالب السخيفة .. فكل التوفيق لهذا الشاب الطموح.

بواسطة
أحمد أولحاج - صوت المواطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق