ماذا لو بدأنا !
فى مصر- الآن- نوبة صحيان هائلة حولتها إلى ورشة عمل كبرى لم تعشها مصر منذ قرنين من الزمان ويزيد!!، وأهمها ما يتعلق بالأرض الزراعية وتوفير طعام المصريين.. والسبب مياه النيل!!.
وإذا كانت وزارة الموارد المائية والرى تنفذ الآن مشروعًا رائدًا لتوفير مياه الرى، وإنقاذها من الإهدار، هو «تبطين» الترع للحد من أى تسرب للمياه إلى باطن الأرض، وما أكثر ما يضيع منها بسبب نظم الرى التقليدية القديمة، وأهمها الرى الذى توارثناه حتى «طبلت» الأرض تمامًا- بالذات فى شمال ووسط الدلتا- وهذا يؤدى إلى انخفاض إنتاجية الأرض.. رغم أن هذا المشروع بدأ متأخرًا، ولكنه على أى حال أفضل من ألا تبدأ أبدًا.
ولكن هناك فكرة تابعتها منذ عدة سنوات، وهى أيضًا تخص المحافظة على مياه الرى والتقليل من ضياعها.. وأقصد بها فكرة تغطية الترع الكبرى، والرياحات والمساقى.. إذ إن مصر بحكم أنها دولة زراعية، والنيل يجرى فيها من الجنوب إلى الشمال فإنها تمتلك أكبر وأوسع شبكة للرى فى العالم.. ولا نريد أن نسأل: كم فى مصر من هذه الشبكة الهائلة، لأنها توصل المياه من النهر إلى الترع الكبيرة وحتى آخر قطعة أرض تنتظر المياه، وأكاد أقول إن طول هذه الشبكة يحسب بعشرات الألوف من الترع والرياحات والمساقى.. وهنا يجىء السؤال، أو الاقتراح: ماذا لو نفذنا مشروعًا عملاقًا لتغطية هذه الشبكة، أى نقوم بتوصيل المياه فى شبكة أنابيب عملاقة- تحت الأرض- ثم نحسب المساحات التى تحيط بكل ترعة.. وهى «حرم هذه الترع» حتى إن بجوار كل ترعة مساحات كبيرة لخدمة الترعة بل جسورًا تمتد وسط الغيطان، ومع أطوال هذه وتلك نجد أننا نهدر أكثر من مليون فدان، وربما أكثر، لمسارات هذه الترع.
حقيقة يتكلف هذا المشروع القومى مليارات الجنيهات.. ولكن العائد الذى يعود على البلاد من هذا المليون فدان كبير للغاية.. واحسبوا قيمة الإنتاج الزراعى الذى سنحصل عليه من هذا المليون فدان ليس فقط لإطعام المصريين.. ولكن أيضًا لتصدير بعض المنتجات.. ولا تسألوا عن تكاليف هذه التغطية وتركيب أنابيب عملاقة تحتها ولكن اسألوا عن حجم ما يعود على مصر من هذا المشروع القومى.. نقول ذلك لأننا أحيانًا نقوم بتغطية مساحات صغيرة من الترع لاستخدامها لتوسعة الطرق.. وشتان بين التغطية لتسهيل النقل.. وتغطيتها لزراعتها.. ومن ثم إنتاجها.
ومن المؤكد سنحتاج إلى آلات حاسبة لتحسب لنا المكاسب الهائلة من التغطية، على أن نقوم بتأجير هذه الأراضى- بحق الانتفاع- للفلاحين.. وتظل الأرض ملكًا للدولة، مقابل ما أنفقته فى التغطية والصيانة.
وتخيلوا معنى إضافة مليون فدان.. وأيضًا تقليل هدر المياه من قاع هذه الترع.. والحد من تطبيل الأرض.. حتى لو نفذنا هذا المشروع العملاق على عشر سنوات.. ثم أيضًا نكسب هذه الأرض التى هى- بالطبيعة- من أجود الأراضى الزراعية.
ماذا لو بدأنا- من الآن- وتخيلوا طعامًا نحصل عليه من مليون فدان، ظلت آلاف السنين مجرد مجار مائية وترع ورياحات!!.