مواطنون .. لا كفار
ترددت فى الآونة الأخيرة مقولة :
( من لم يكفر الكافر فهو كافر ) واعتبرها البعض مسلمة لا تقبل النقاش !!
ثم بنوا عليها أننا لابد أن نطلق على مواطنينا غير المسلمين لفظ ( الكفار ) ومن لم يقل ذلك فهو ( كافر) !!
وعندما يقال لهم : كيف تقولون ذلك إنهم أخوة لنا فى الوطن , وأن ذلك سيؤذى مشاعرهم ويأجج الفتن الطائفية وسيؤدى أن كل طائفة ستكفر الأخرى .
يقولون :
هذا خطأ عقدى .. بل إنه لا يجوز إطلاق لفظ ” الأخوة ” إلا على المسلمين فقط
( إنما المؤمنون أخوة ) .
ولخطورة هذه المسألة وتداعياتها الخطيرة على تماسك دولنا العربية ووحدتها الوطنية فى ظل المحاولات المستمية لأهل الشر لتفتيت الدول العربية .
نرد بالآتى :
أولا: الأخوة أنواع ( إنسانية ، قومية ، وطنية ، دينية )
وكل نوع له دائرته التى لا تلغى الأخرى .
فالبشر جميعا أخوة ( كلكم لآدم وآدم من تراب )
والعرب أخوة ( أخوة اللسان ) فمن تكلم العربية فهو عربى
والمصريون أخوة ( أخوة الوطن )
والمسلمون أخوة ( أخوة الدين )
فأنا إنسان مصرى عربى مسلم
ولا يوجد تعارض بين دوائر الانتماء هذه أبدا .
ولذلك فإن قصر الأخوة على أخوة الدين فقط يعد جهلا مطبقا يخالف الفطرة والعقل والدين .
وهناك أدلة على ذلك من القرآن الكريم والسنة المطهرة لا تحصى :
منها ( وإلى ثمود أخاهم صالحا ) ، ( وإلى عاد أخاهم هودا ) ، ( وإلى مدين أخاهم شعيبا ) رغم أن غالبية هؤلاء الأقوام كانوا غير مؤمنين برسالة هؤلاء الأنبياء الكرام .
ولكنها أخوة القبيلة والقوم التى لم يلغها الدين !!
وكذلك قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للمشركين عند فتح مكة :
” ما تظنون أنى فاعل بكم ؟! ” .
قالوا : ” خيرا .. أخ كريم وابن أخ كريم ” .
ولم يعترض الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك .
ولم يقل لهم صلى الله عليه وسلم كيف تصفوننى ( بالأخوة ) وأنتم مازلتم كفارا !!
هل هؤلاء المتنطعين يعرفون الإسلام أكثر من الرسول صلى الله عليه وسلم ؟!
بالطبع لا
هل يتنزهون عما فعله وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم ؟!
مثلما صنع الخوارج قديما وغضب منهم النبى صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا .
حيث جاء بالصحاح ” صنع النبى صلى الله عليه وسلم شيئا فرخص فيه , فتنزه عنه قوم ، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم , فخطب فحمد الله ثم قال : ما بال أقوام يتنزهون عن الشئ أصنعه , فالله إنى لأعلمهم بالله , وأشدهم له خشية ” متفق عليه
كيف يقر القرآن والرسول ذلك ؟!
ويتنزه عنه بل يحرمه البعض باسم الإسلام اليوم ؟!
ثانيا : أما مقولة ( من لم يكفر الكافر فهو كافر )
فهذه مقولة الخوارج .. وهم أصحاب براءة اختراعها قديما .
فلماذا يتم بعثها من جديد ؟! ولمصلحة من ؟!
ولا يوجد عليها دليل من القرآن الكريم والسنة المطهرة ؟!
ولم يرد فى سؤال القبر مثلا : أننا سنسأل عن فلان وفلان كفارا أم لا ؟!
فتحديد المؤمن والكافر والفصل بين البشر من اختصاص الله سبحانه وتعالى فقط .
ورسالة الأنبياء ومن ثم ورثتهم من العلماء هى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة فقط .
فكيف يتجرأ اليوم – بعض الأوصياء – ويعتقدون أنهم يمتلكون مفاتيح الجنة والنار , ويدعون أنهم يملكون رخصة تصنيف الناس ومحاسبتهم فى الدنيا !!
ثالثا : ولمن ينظرون إلى هذه المسألة على أنها مسألة غير ذى بال نسألهم :
هل نقبل أن نعامل نفس المعاملة فى الدول التى بها أقليات مسلمة ؟!
هل نقبل أن تصف حكومات هذه الدول المسلمين ( بالكفار )
استنادا للمنطق ( المعيب ) الذى يبيح هذا التصنيف قائلا :
” أنتوا زعلانين ليه , عادى يا جماعة , أنا كافر بالنسبة له وهو كافر بالنسبة لى ” !!
وبدلا من إطلاق اسم المواطن على المسلم البريطانى مثلا , يطلق عليه الشعب البريطانى ذو الأغلبية المسيحية لفط ” كافر ” .
بالطبع لن يقبل عاقل ذلك .
إن دعاة هذه الفتنة يريدون تحويل الشعب من ” مواطنين ” لهم حقوق وواجبات فى ظل
” دستور ” يحمى الجميع ويكفل حرياتهم فى إطار ” القانون ” .
إلى طوائف من ( الكفار والمؤمنين ) يكفر بعضهم البعض !!
فانتبهوا يا أولى الألباب !!