هل الإرهاب دماء فقط؟
“نحن الصالحون نريد نصيبا من الفساد الدائر حولنا” هذا الكلام عن صديق لي كنت معه بالأمس، وكان مستاء جدا من الأوضاع الحالية في مجتمعاتنا العربية حيث أنه يعاني في العمل من المحسوبية والواسطة التي أضاعت سنوات من الإجتهاد والشقاء داخل المكان الذي يعمل به بل الأكثر من ذلك أنه أصبح من المغضوب عليهم في مكانه، ليس لشيء سوي أنه ليس على هوى الكبار وعلية القوم.
هنا تطرق الحوار بيني وبينه عن شيء مهم جدا وسؤال يحتاج الى إجابة من الجميع: لماذا يبحث أمثال صديقي على السفر للخارج وترك البلاد؟
هل هذا بسبب الأموال أم التقدير الأدبي والمعنوي أم لسبب اخر؟
لماذا الكفاءات والناجحون والمتميزون يتم تقديرهم خارج بلادهم عندما يذهبون للدول الأوربية؟ وعندنا في مصر أمثلة عديدة: هل لو أحمد زويل رحمه الله ظل في مصر كان أصبح زويل؟ أو الدكتور مجدي يعقوب حتى في الكرة وعلى سبيل المثال محمد صلاح؟ لماذا؟ والأمثلة عديدة.
من هنا أضاءت في رأسي فكرة غريبة؟
هل الإرهاب هو قتل للأبرياء فقط أو هدم للمنازل والكنائس والمساجد وغير ذلك؟ لا أبدا!!!!!!
أعتقد ان الإرهاب الحقيقي هو قتل المجهود وقتل الكفاءات أمام المحسوبيات ولنضرب بذلك العديد من النماذج.
هناك الطالب المستهتر الذي لم يدرس أو يجتهد ولكن تم السماح له بممارسة الغش سواء بشكل فردي أو جماعي فتفوق على حساب من اجتهد وبالتالي خرج إلينا طبيبا فاشلا او مهندسا أفشل او غيره.
كذلك هناك الموظف المجتهد الذي يقوم بتنفيذ كل ما يطلب منه باحترافية بل وأكثر من ذلك يقوم بعمل الآخرين الذين لم يستطيعوا تنفيذ هذا العمل ومع ذلك يتم تقدير موظف آخر ليس علي نفس المجهود أو الكفاءة “اللهم ان صاحبنا ده مش علي أهواء الكبار”.
وهنا اذكر قصة لطيفة عن ذبابة شاءت الظروف أن تقف على قرن ثور يحرث الأرض وظلت هناك حتى انتهى الثور من حرث الأرض بالكامل وعندما عادت الذبابة الي المنزل سألها أبوها لماذا تأخرت عن المنزل؟ فاجابت بكل شموخ “لقد كنت احرث قطعة أرض”. هذه أحوال بعض الأشخاص في مجتمعاتنا ممن ينسبون الأمور التي لم يفعلوها لأنفسهم،
إنها يا سادة عمليات اغتيال للطموح والاجتهاد. كيف تطلب من هؤلاء الإنتماء لوطن او مؤسسة ضاعت حقوقهم فيها؟ كيف تطلب منهم الإجتهاد مرة اخرى؟ وكيف سيقومون بتأدية أعمالهم بحب؟
عندنا في مصر مثل لطيف يقول (طبل بذمة تصل للقمة) وعلى ما يبدو أنه تم الغاء مقولة (من طلب العلا سهر الليالي) (ومن جد وجد).
نسينا أمور الدين الخاصة بنا والشريعة والأهم نسينا وده علي فكرة بإرادتنا، نسينا ان الله عز وجل حرم الظلم فلقد قال عز وجل (َيا أَيٌّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم وَاخشَوا يَومًا لا يَجزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَولُودٌ هُوَ جَازٍ, عَن وَالِدِهِ شَيئًا إِنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقُّ فلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدٌّنيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغَرُورُ)
ويقولُ اللهُ- تبارك وتعالى في الحديثِ القدسي: ((يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمتُ الظٌّلمَ عَلَى نَفسِي وَجَعَلتُهُ بَينَكُم مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا)). رواه مسلم
من عليهِ حقوقٌ لغيرهِ فليُؤدها، ومن عليهِ مظالمُ للناسِ فليتحلل منها اليومَ قبلَ الإفلاس. قال النبيٌّ- صلى الله عليه وسلم -: ((أَتَدرُونَ مَا المُفلِسُ؟ قَالُوا: المُفلِسُ فِينَا مَن لَا دِرهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ المُفلِسَ مِن أُمَّتِي يَأتِي يَومَ القِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ،، وَيَأتِي قَد شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعطَى هَذَا مِن حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِن حَسَنَاتِهِ، فَإِن فَنِيَت حَسَنَاتُهُ قَبلَ أَن يُقضَى مَا عَلَيهِ أُخِذَ مِن خَطَايَاهُم فَطُرِحَت عَلَيهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ)) رواه مسلم (4 /1997).
ده كان ردي عليه وقلت له ربك كريم ومطلع وأكيد له حكمة أن يبعدك عن هذا الفساد، ثق بالله وأحسن الظن وتوكل على الله.
رحل صديقي في نفسية أفضل ولنا بقية إن قدر الله لنا الحياة.
رائع جدا بالتوفيق