أين نجد العرب في فن الفلامنكو ؟

اتسعت رقعة المعرفة الشاملة لكل أنواع الفنون ودراستها كتعبير إنساني وجب علينا التطرق إليه والتوسع فيه، ومن بين أنواع هاته الفنون ” فن الفلامنكو” أو بمعنى أوضح “الفلاح المنكوب”.

لم أكن أعي مدى المعاناة التي طالت الأندلس الا بعد دراسة تاريخ انهيارها، ومما لاشك فيه أن الفلاح المنكوب “الفلامنكو” حاول على قدر ما يملك من موهبة سرد النكبة والمعاناة والتعذيب الذي لحق الموريسكيين بعد دخول الصليبيين بلاد الأندلس.

وكنت من أشد المعجبين بفن الفلامنكو، لكن الشيء الذي كان يضعني في محل استغراب هي تلك النغمات المتأججة وكأنها تحمل رسائل مشفرة آتية من عصر أزلي أبت ذاكراتنا نسيانها، والذي سيتأثر أكثر هو الدارس لتاريخ الأندلس.

وأدركت منذ الوهلة الأولى أن تلك الحركات التي صاحبت العازفين لم تكن رقصة بل كانت تمرد وانتفاض وصراخ على أن الموريسكيين لم ينسوا الماضي العابر، حتى وإن أرغموا على الرحيل أو تغيير دياناتهم، فالجوهر لم يرتحل ولم يتغير وأصبح أقوى من أي وقت مضى .

فمؤسف حقا، ما لحق الفلاح المنكوب من مضايقات وتعذيب وتهميش وسلب لممتلكاته، وبالرغم من كل هذا وقف صامدا يردد “ollé” وكأنه يستنجد بخالقه فيما آل اليه الوضع.

ويبقى التعبير والتأثر والتأثير عوامل حاضرة بقوة في فن الفلامنكو، ناهيك عن التاريخ والإستعمار اللذان شكلا عنصران أساسيان بني عليه هذا الفن.

أما من ناحية الأساليب، فيمكن القول أن هذا الفن مشبع بثقافات عربية أندلسية منذ ظهوره وتطوره، خصوصا وأنه ارتبط ارتباطا وثيقا بالفن الشرقي ومقام الحجاز وطريقة الغناء، إضافة إلى اللغة العربية التي مازالت حاضرة في بعض مصطلحاته دون أن ينكر الإسبان هذا الأمر، فالتاريخ شاهد على العصر .

وسوف لن نختلف على أن الأرض التي أنبتت لنا فن الفلامنكو هي الآن اسبانية لكن لم ننسى أن من زرعوا هذا الفن هم عرب وليسوا صليبيين.

بواسطة
نزيه بلقاسم - صوت المواطن

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق