مصطفى الخلفي .. لا يمكن تصور إصلاح سياسي تنموي بدون إصلاح ثقافي
نظمت الرابطة المغربية للأمازيغية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ملتقى علمي هو الثاني من نوعه، يومي الجمعة 03 و السبت 04 يوليو 2020، حول موضوع مستقل الأمازيغية ما بعد كوفيد 19، الذي اندرج ضمنه مجموعة من المداخلات قُدمت من طرف أساتذة وباحثين من مختلف التخصصات المعرفية، من أجل معالجة هو ثقافي وسياسي وتربوي في سياق ما يعيشه المجتمع المغربي من تحولات في هذه الحقول وذلك بالموازاة مع النقاش المطروح حول النموذج التنموي المنشود.
وقد تم تقسيم الحيز الزمني لهذا الملتقى إلى جلستين، الأولى تتمحور حول “مستقبل الأمازيغية بالمغرب في ظل التحولات الراهنة”، والجلسة الثانية ركزت على “الأمازيغية ورهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، وتأتي مداخلة الأكاديمي والوزير السابق، السيد مصطفى الخلفي، المعنونة بـ “الثقافة واللغة والهوية والنموذج التنموي الجديد” ضمن الجلسة الثانية ليوم السبت 04 يوليو 2020 .
وفي إطار الإجابة عن السؤال المطروح في هذا الملتقي، عمد السيد مصطفي الخلفي إلى تقديم مداخلة مقسمة إلى ثلاثة محاور رئيسية، بحيث حاول أن يقدم أولا المعنى الذي يحمله مفهوم الثقافة، والذي اعتبره ” قيم تتجلي في سلوكيات المجتمع، وتجعل من الثقافة موجهة لـ شبكات العلاقات الاجتماعية، ومؤطرة لعلاقة المجتمع بالدولة .. ” مؤكدا أنه يجب تجاوز الفهم المتداول للثقافة باعتبارها مجرد معارف ومكتسبات، مقابل إدماج الثقافي بالقيم والسلوكيات والتصورات المجتمعية في بناء مشاريع التنمية، مشيراً بذلك أنه ” كما اعتبر الكثيرون، لا يمكن تصور سياسة تنموية كيفما كانت بدون عمق ثقافي و قيمي موجه بالتصورات والسلوكيات“.
وأضاف، أن المعطى الثقافي بهذا المعنى هو “معطى محدد ومعطى جوهري” في تطور سياسيات التنمية، مُزكياً هذا الطرح، بالقرارات المتخذة منذ 20 سنة إلى الآن، والتي اعتبرها قرارات شجاعة أعادت تسليط الضوء لموضوع الثقافة ضمن السياسيات التنموية، كقرار الاعتراف بالثقافة واللغة الأمازيغيتين، ثم إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إضافة إلى ما نتج من توصيات ذات بعد ثقافي لها علاقة بالأمازيغية لدى هيئة الإنصاف والمصالحة، وصولاً إلى صدور القانوني التنظيمي المرتبط بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وأكد السيد مصطفى الخلفي أن “التوجه القائم ضمن هذا المسار كان واضح، وهو إقرار مُصالحة ثقافية تجعلنا ننخرط في مسار لتجاوز التوترات التي نشأت بفعل إرساء سياسة لغوية وثقافية تحقق الإنسجام وتعترف بالتعددية الموجودة في المجتمع المغربي“.
وفي منتصف مداخلته، طرح الوزير السابق مصطفى الخلفي، ثلاثة محددات أساسية اعتبر أنها هي التي قد “تجعلنا ننجو من السقوط في النظرة الاختزالية الفولكلورية للثقافة أي أنه مجرد فعل فولكلوري موسمي ظرفي” وهذه النظرة الاختزالية يضيف على أنها “تنزع عن الثقافة دورها كقوة محددة فاعلة وموجهة وتفسح المجال لثقافة مميتة حاملة لأفكار قاتلة”.
وأشار إلى أن المحدد الأول يبين أن الثقافة هي منظومة قيم موجهة لتصورات المجتمع وسلوكياته، والمحدد الثاني مرتبط بالفاعل العمومي الذي شهد وعي متنامي يهدف إلى إعطاء الثقافة مكانتها المطلوبة، أما المحدد الثالث فهو يتعلق بالنقاش حول المسألة الثقافية في مشاريع الإصلاح والتنمية التي تحيل على حد تعبير السيد مصطفى الخلفي إلى العلاقة بين الثقافة والسياسة، تلك العلاقة الجدلية والمتعارضة التي يجب تجاوزها من أجل إصلاح حقيقي في المجتمع المغربي، بحيث يقول أنه “لا يمكن تصور إصلاح سياسي بدون عمق ثقافي كما لا يمكن تصور إصلاح ثقافي بدون إرادة سياسية“.