المغرب بعد الجائحة.. مشهد سياسي جديد

لم تتضح بعد معالم الخريطة السياسية الجديدة بالمغرب، لكن الأحزاب السياسية تتسابق من أجل تصدر المشهد السياسي الذي سيعاد تشكيله بعد انتهاء أزمة الإغلاق الناتج عن جائحة كورونا، فيما برزت أصوات تدعو إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني لتدبير مرحلة ما بعد الأزمة، بهدف التخلص من عبء الوزراء الذين فشلوا أمام الرأي العام في تدبير الأزمة الوبائية والآثار المترتبة عليها.

يكلف الجر الصحي يوميًا مليار درهم مغربي (101 مليون دولار) وفقًا لمعطيات أدلى بها وزير المالية محمد بنشعبون، وأشار إلى أن شهرين من الحجر سيفقدان الاقتصاد 6 نقاط من نمو الناتج الإجمالي المحلي، وهو تحذير للصعوبات الاقتصادية التي ستواجهها البلاد إذا طال أمد أزمة كورونا، ومدى العجز الهائل الذي يمكن أن يحدث جراء ارتفاع حجم الخسائر الاقتصادية.
أحزاب ليس لها ما تقدمه

الجائحة كشفت درجة عالية من الهشاشة الاجتماعية، إذ إن أكثر من ستة ملايين أسرة كانوا في حاجة إلى الاستفادة من الدعم المالي، كما يوضح الأمين العام للتقدم والاشتراكية (معارض) نبيل بنعبد الله أن محاربة الهشاشة وتحريك عجلة الاقتصاد هي المعركة الأساسية المقبلة، كما دعا إلى الكف عن محاولات تجميد الدستور من خلال المطالبة بحكومة إنقاذ، باعتبار هذا الخطاب تقف وراءه أحزاب ليس لها ما تقدمه.
ومن خارج البرلمان، انتقد الحزب الاشتراكي الموحد هيمنة العقلية والمقاربة الأمنية، بعد تمكين وزارة الداخلية من الانفراد بمسؤولية وصلاحيات تدبير مختلف تداعيات الجائحة، كما وصف الحزب إجراءات رفع الحجر الصحي بـ”المرتبكة”، في الوقت الذي كان فيه المواطنون يتطلعون إلى مقاربة أكثر تفهمًا لأوضاعهم الاجتماعية والصحية والنفسية، ترفع المعاناة عنهم بشكل أسرع وأشمل.
منتخبون بلا مسؤولية

يطرح مرسوم تمديد الطوارئ في أرجاء البلاد، إشكالية هيمنة العمال والولاة على حساب المسؤولين المنتخبين، إذ يجيز المرسوم لولاة الجهات وعمال الأقاليم أن يفعلوا ما يرونه مناسبًا بشأن تخفيف القيود المفروضة، بناءً على معطيات الوضعية الوبائية لكل منطقة، وهو ما جعل رئيس الحكومة في موضع انتقاد، بعدما دفع المنتخبين للتخلي عن مسؤوليتهم ووضعهم على هامش القرار.
قبل الجائحة، كانت الثقة شبه منعدمة بين المواطنين والأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة، كما تشير استطلاعات الرأي، وتعزو الزعيمة اليسارية نبيلة منيب، إعادة بناء هذه الثقة إلى الخوف من الجائحة، وهو ما دفع الناس إلى الالتزام بالحجر الصحي والتطوع للمساهمة في الصندوق التضامني، لكن “قامت الحكومة بوقف ترقيات الموظفين والاقتطاع من رواتبهم دون استشارتهم، كما أجازت لنفسها إقرار قانون 20.22 الذي يكمم الأفواه ويضرب الحريات، وهي كلها خطوات كادت تعصف بمخزون هذه الثقة المُعاد بناؤها حديثًا” على حد تعبير الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد.

هدا و كان قانون “الشبكات الاجتماعية” مثار جدل حاد، وفجّر غضبًا حقيقيًا في وسط المجتمع المدني وبعض القوى السياسية، باعتبار مشروع القانون 20.22″ ردة حقوقية ومحاولة ترمي إلى التحكم في وسائط التواصل الاجتماعي، بعدما كشفت تسريبات إعلامية ما يتضمنه القانون من قيود وعقوبات بالسجن والغرامة، خاصة في أحد بنوده المتعلقة بإبداء الرأي عن منتج أو بضاعة مع التحريض على مقاطعته، كما يشرعن القانون الرقابة على محتوى النشر من خلال تولي إدارة أو هيئة معينة مهام الرقابة على الخدمات المقدمة من شبكات التواصل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق