مداغ.. الملتقى العالمي للتصوف يدرس أبعاد وتجليات الكونية القيمية

تواصلت فقرات الملتقى العالمي للتصوف الذي تنظمه الطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها ومؤسسة الملتقى بشراكة مع المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم “CEMEIA”، تحت شعار “التصوف والقيم الإنسانية: من المحلية إلى الكونية”، بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، من خلال برمجة الجلسة العاشرة يوم الخميس 14 ربيع الاول 1443 الموافق ل 21 اكتوبر 2021، والتي بحثت موضوع “الكونية القيمية أبعاد و تجليات”، وقدمها الدكتور عبد الرحيم السوني، استاذ باحث بالرابطة المحمدية للعلماء.

أكد الدكتور عبد الله مشنون من ايطاليا، في كلمته أن رسالة الاسلام جاءت متممة لمكارم الاخلاق، موضحا ان النبي صلى الله عليه وسلم عد حسن الخلق من كمال الايمان موردا الحديث “اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم اخلاقا”، واضاف أن الاسلام جعل حسن الاخلاق أساسا للتعامل بين المسلمين وغيرهم ومنطلقا للحوار والدعوة الى دين الله عز وجل بالرفق واللين، مستشهدا بقوله تعالى لموسى عليه السلام “اذهب اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآياتي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي* اذْهَبَآ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى “.

وأبرز الدكتور مشنون اهمية خلق السلم والسلام وقبول المخالف في تحقيق التعايش وادارة التنوع في المجتمعات الانسانية والابتعاد من اسباب التنافر والقطيعة، ونوه بما يقوم به المغرب بقيادة حكيمة من جلالة الملك لمد يد الحوار للقريب والبعيد ورأب الصدع، مستشهدا بقوله تعالى “يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانتى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم”.

وتناول الكلمة بعد ذلك الدكتور كريم غوش من تركيا، متحدثا عن “فقدان المعنى وإعادة بنائه”، مبرزا الحاجة الى القيم الروحية لتحقيق توازن الانسان، مؤكدا ان امتلاك زمام العلوم المادية لوحدها لا يكفي للوصول الى الطمانينة والسعادة التي يتوقف جزء كبير منها في العناية بحاجيات القلب.

وبدوره أكد الشيخ الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية سابقا و عضو هيئة كبار العلماء إلى أن الاسلام جاء لسعادة الدارين الحياة الدنيا والدار الاخرة، داعيا الى التعاون بين كافة البشر لتحقيق القيم الانسانية، مضيفا أن التصوف هو الصيغة المثلى من أجل التواصل مع امة الدعوة وكل انسان في هذا العالم، وتابع أن التصوف هو الطريق الحتمي والوحيد اللازم  للاتصال بأمة الدعوة والانتقال من المحلية الى الكونية وايصال السعادة للعالمين.

وأشار الدكتور جمعة إلى أن شعار الملتقى “التصوف والقيم الانسانية من المحلية الى الكونية”، يذكر بصفة مهمة من صفات التصوف الاسلامي، وهي  انفتاحه على الناس جميعا سواء المؤمنين “امة الإيجابية” او غير المؤمنين “امة الدعوة”،  مبينا ان كل العالمين يعتبرون من امة محمد صلى الله عليه وسلم لانهم جاؤوا بعده.

وأكد ان مقولة سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عمه  لواليه على مصرمالك النخعي  صارت مثالا يحتذى، موضحا أن الامم المتحدة قد اعتمدته منطلقا للقيم الانسانية وحقوق الانسان في وقتنا المعاصر، وشدد فضيلته على ان القيم الانسانية التي حصرتها الامم المتحدة في 11 قيمة ، كانت كلها جزءا من القيم اسلامية.

وتطرق المفكر الفيتنامي الدكتور ميشال طاو شان الى  غنى المغرب في المجال الروحي، معبرا عن امتنانه لهذا البلد الذي  اكتشف فيه التصوف، موضحا ان المغرب يعد نموذجا لانتقال القيم المحلية الى الكونية، وأضاف ان قيم التصوف المغربي تتميز بكونها قيما نبيلة ومستدامة، وتابع ان الذي ة يعيش التجربة الصوفية يمتح كل يوم من معين متجدد من الحب، مطالبا بدمج التصوف في الأنشطة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

وتناول الدكتور  جون اوندري كاليغون، نائب رئيس منتدى الفكر الاممي بفرنسا، في مداخلته موضوع  “القلب المتعلم” ، تحدث من خلالها عن معارف وبيانات القلب المتعلم وخصوصيات هذا التعلم، موضحا انه “تعلم يحتاج الى مسيرة من السلوك والتأني، مسار يدري من خلاله الانسان فضاء ومعارف من العلم القلبي الذي يستمد من علم الله المطلق”، وأضاف أن لقاء العارفين بالله يثري  عملية التعلم بفضل التربية الروحية التي يخوضونها، وقدم مثالا حيا وهو تجربته في الطريقة القادرية البودشيشية.

وفي الاخير تدخل الدكتور مصطفى بوزغيبة، باحث في الرابطة المحمدية للعلماء، بكلمة عن اسهامات الصوفية في تحقيق الوحدة الوطنية، منطلقا من تعريف الوحدة الوطنية التي هي مجموع القيم المشتركة والمنظومات الثقافية والحضارية التي تجمع أفراد المجتمع والجماعة والتي على السلطة والمجتمع حمايتها والدفاع عنها وتنميتها لتحقيق الرقي الحضاري، كما أكد على أن الثوابت المشتركة للمغاربة تتمثل في العقيدة الأشعرية وإمارة المومنين والتصوف الجنيدي.

وذكر المتحدث الدور الكبير الذي لعبه الصوفية في تحقيق الأمن المجتمعي كفض النزاعات وتحقيق التكافل الاجتماعي، مشيرا إلى دورهم الفعال في مقاومة الغزو الأجنبي، ومن الصوفية الذين كان لهم دور كبير، تحدث عن الشيخ ماء العينين بالصحراء المغربية، والشيخ المختار بودشيش بالشرق، كما لم يفوت المحاضر اسهام الصوفية في الحفاظ على طابع إمارة المومنين من كل فتنة او انقلاب، مما جعل المغرب ينعم بنعمة الأمن والاستقرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق