احذروا الاستدراج نحو العنف ” إحراق القرآن الكريم”

تتكرر الحوادث ” إحراق المصحف الكريم ” كما جرى قبل أيام قليلة في ( السويد ) وكذا   الرسوم المسيئة للرسول عليه السلام ” كلها حوادث تزيد من الاحتقان الديني ، وتدعو إلى بث روح الكراهية بين الشعوب ، وعلى المجتمعات الأوروبية أن تكون أكثر وعيا  لمثل هذه الممارسات التي قد تذهب بالمجتمعات إلى حالات كبيرة من العنف .

وذلك من خلال : أولا :  إصدار قوانين رادعة لكل من يحاول إشعال الحرائق المعنوية في المجتمعات الأوروبية من خلال الإساءة للآخر والتعدي المعنوي عليه .

ثانيا : فتح قنوات الحوار مع الجاليات المسلمة .

إن مثل هذه الإساءات للآخر من خلال الإساءة للرموز الدينية ليست وليدة اليوم وعليه فالجاليات المسلمة في أروبا أمام طريقين للتعامل مع هذه الاستفزازات لمشاعر مليار ونصف مسلم :

*الطريق الأول* :

المنهجية العقلية :  وهي التي تنبع من معين القران الكريم، والأخلاق الإنسانية التي تدعو دائما الإعراض عن الجاهلين .  العقلانية  في كل المواقف يجب أن تكون حاضرة .

فبدل تعبئة الشباب والوجود الاسلامي في أروبا على الحقد والقهر والاستسلام ،فعلى النخب الفكرية في الغرب توجيه الجاليات نحو العمل والعلم ونشر القيم الحضارية الأخلاقية ، وتدعوهم  نحو التقدم الحضاري ، وان يكونوا هناك جسورا حقيقية للتواصل الثقافي والمعرفي .

هذا المنهج العقلي يساعدنا في حل المشاكل بطريقة حضارية يمكننا من خلالها أخذ حقوقنا ،وذلك : أولا : بتوحد الجاليات هناك من خلال الدعوة إلى ندوات تبين فيها ماذا يوجد في القران الكريم مثلا …

ثانيا :  اغتنام هذه الفرصة لتكتب الصحافة المسلمة الأوروبية بلغة الغرب للتعريف بالقرآن الكريم ،وان ديننا الحنيف يمنعنا من رد الإساءة بالإساءة ، قال تعالى ” ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ” سورة فصلت آية ٣٤.

إن العقلانية تعني الانشغال ببناء القوة الذاتية ، بمعنى أن لا تنجر الجاليات المسلمة في أروبا نحو العنف وان نبني ذواتنا وننخرط بالمجتمع انخراطا قيميا ، وان تكون ردود فعلنا إيجابية بأن يشعر الغرب بأن الجاليات المسلمة تعطي قيمة إضافية في المجتمعات لا يمكنها الاستغناء عنهم ،لأنهم شركاء معهم في البناء والإنتاج .

فالعواطف والحماسة على مر التاريخ  لم تمنع المتعصبين من إعادة الإساءة، ناهيك عما تستفيده قوى الشر من مثل هذه الانفعالات من تشويه صورة الإسلام في العالم .

وعليه : فإننا نرفض التعبئة الانفعالية تجاه الشعوب والطوائف والتي خلفت العنف في الشرق والغرب ، فعلى  الجاليات المسلمة في أروبا وفي ” السويد ” على الخصوص الابتعاد عن كل ما يزيد من مخزون الاحتقان تجاه الآخر وأن نكون أكثر وعيا ورقيا لنكون أكثر قربا من الإسلام .

*الطريق الثاني* :  تغليب النزعة الانفعالية والركون للعاطفة ،والتصرف بناء على ذلك من ممارسة المظاهرات المبنية على الضرب والحرق والتكسير ، ردود فعل سريعة ووقتية ، توصل قوى الشر إلى مرادهم في إظهار صورة غير حضارية ولا مقبولة في الغرب عن المسلمين  ،فتزيد من الضغوط على المسلمين . ولا نستبعد أن تكون هذه الإساءات المفتعلة للتغطية على ما يجري من *اقتحامات عنصرية للمسجد الأقصى وتغطية على الأفعال الإجرامية التي تمارس على الشعب الفلسطيني* .

هذه الطريق الانفعالية مخاسرها كبيرة جدا على المسلمين هناك فهي لا تعود عليهم بالنفع ولا على مجتمعاتهم ، وتعمل على إقصائهم عن التفاعل مع مجتمعاتهم .

بواسطة
د. ربيع العايدي - رئيس قسم الفلسفة في جامعة باشن الأمريكية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق