الرباط.. كلية علوم التربية بجامعة محمد الخامس تبرز معاني الجمال في التصوف

احتضنت كلية علوم التربية بجامعة محمد الخامس بالرباط، مساء الاثنين 26 أبريل 2021م الموافق ل 13 رمضان 1442ه، ندوة علمية بعنوان “جماليات الخطاب الصوفي”، أقيمت عن بعد بتنظيم من فريق البحث في التربية والفن والثقافة، بشراكة مع ماستر التربية الجمالية وتدبير مهن الفن والثقافة، تحت تأطير وإشراف الدكتور عبد الكريم الشباكي، رئيس ومنسق الماستر والدكتوراه مليكة المكاوي والدكتور  أحمد خلدي أساتذة وحدة التربية وفنون الموسيقى والأداء الحركي.

وتم افتتاح هذه الليلة بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها الطالب مولاي عبد الواحد الناني، بعد ذلك تناول الكلمة الدكتور عبد الكريم الشباكي ليعلن انطلاقة أعمال الندوة مرحبا بالمشاركين في الندوة، مع توجيه الشكر للمنظمين لهذا العمل متمنيا أن تكون هذه الندوة مأدبة علمية غنية للباحثين، بعده تناولت الدكتورة مليكة المكاوي الكلمة لترحب بدورها بالمشاركين في أعمال الندوة، وتبين أهمية الموضوع بالنسبة للطلبة الباحثين.

وكانت المداخلة الاولى للدكتور خالد التوزاني، باحث في التصوف والجماليات، حول موضوع: “جماليات العجيب في الخطاب الصوفي”، استهلها بالحديث عن مفهوم العجيب باعتباره خطابا مدهشا يأسر القارئ والمتلقي وهو ما يجعل الخطاب الصوفي خطابا عجيبا ومدهشا يشد إليه القارئ.

بعد ذلك انتقل إلى تحديد تجليات الجيب في الخطاب الصوفي، فجعلها على نوعين من المقامات في الجماليات، مقامات جماليات الفكر في بعدها الروحي والتربوي، ومقامات جماليات اللغة في شقها الأدبي القائم على حقول معجمية محددة، وعلى رموز خاصة كآليات جمالية وفنية.

وفي الأخير خلص المحاضر إلى أن العجيب مدهش يجعل الخطاب الصوفي يعج الجماليات الصعبة الحصر في مداخلة قصيرة إذ شبهها بالبحر التلاطم والمداخلة مجرد قطرات منه، وطلب ممن يريد الاستزادة بالعودة إلى كتابه “جمالية العجيب في الخطاب الصوفي”، الصادر عن منشورات الرابطة المحمدية لعلماء المغرب بالرباط سنة 2015.

وكانت المداخلة الثانية من تقديم الدكتور عبد الناصر أشلواو، باحث في التصوف وتحليل الخطاب، الذي بسط ورقة بعنوان “الشعر الصوفي والتربية، نحو تنمية الذوق الجمالي في الإنسان”، حيث ركز في مداخلته بداية على رمزية الشعر الصوفي، ودوره في التعبير عن التجربة الصوفية، التي تعجز اللغة عن ترجمتها، وذلك من خلال نماذج من أشعار ابن الفارض سلطان العاشقين وابن عربي، مع التمثيل برمز المرأة ليلى الذي يحيل على الذات الإلهية، الخمرة رمز المحبة.

ثم انتقل إلى القصد التربوي للشعر الصوفي، مبرزا مظاهر التربية الأخلاقية والبعد التوجيهي والاصلاحي في الشعر الصوفي قصد بناء إنسان سوي، وذلك من خلال أشعار البوصيري وأبو الحسن اليوسي ومحمد الحراق.

وفي الأخير كشفت المداخلة عن وجود تقاطع بين التجربة الصوفية والتجربة الفنية من عدة أوجه، منها الاشتغال بالجمال مضمونا وتعبيرا، مما يساهم في تنمية الذوق الجمالي في الإنسان.

وتناول الدكتور محمد التهامي الحراق، الباحث في الإسلاميات والتصوف، الكلمة في المداخلة الثالثة حول وضوع “الموسيقى الروحية والسماع الصوفي”، تحدث فيها عن جماليات التجربة الصوفية، و قسمها إلى أربعة محاور متداخلة، وهي جمال الحس أو الزينة أو الظاهر، وجمال التعبد، وجمال الأخلاق، وجمال المعرفة.

بعدها انتقل الدكتور الحراق ليبين انفتاح الخطاب الصوفي على معارف أخرى كالفقه والشريعة والفلسفة والأدب والفن والموسيقى، ثم تحدث عن بدايات تمظهر الإبداع الصوفي في المغرب الإسلامي خصوصا خلال القرن السابع الهجري، وربطه بأربعة عناصر هي :

  • ظهور أسماء لامعة في سماء الشعر الصوفي مثل: عمر بن الفارض، أبي مدين الغوث، أبي الحسن الششتري، محيي الدين بن عربي، والإمام البوصيري.
  • اهتمام الغرب الإسلامي بإحياء المولد النبوي، مما أدى إلى انتعاش السماع على المستوى الجمالي والفني.
  • ابتكار عنصر شعري متميز هو فن التوشيح بالأندلس.
  • انتقال التصوف من مرحلة كونه فرديا أو في دوائر إلى مرحلة المأسسة بظهور مؤسسات ومدارس تتولى تأطير المجتمع تعليميا وعلميا واجتماعيا وروحيا، سيشكل السماع عنصرا أساسيا في نسقها.

كما اوضح أن الصوفية يميزون بين نوعين من السماع، وهما السماع المطلق، الذي يتمثل في  التلقي الخاص من الله لكل المسموعات، والسماع المقيد، ويتجلى في استعمال الأشعار مرنمة بالأنغام طلبا لمقاصد تربوية.

كما تحدث الدكتور الحراق عن الإيقاع باعتباره ركنا من أركان السماع، وأوضح كيف أعطى الصوفيون للإيقاع بعدا روحانيا، وكيف تم تصويفه بإضافة إيقاع خامس إلى المدونة الإيقاعية وهو (الدرج) لكي تبنى على الوترية (لأن الله وتر يحب الوتر).

وختم مداخلته بالتأكيد على أن فن السماع بشعره وإيقاعه ونغمه كان مبنيا على فلسفة روحية عميقة يجب اكتشافها واستثمارها في المناهج التعليمية لإبراز الأفق الجمالي للتدين من أجل تصحيح انحرافات حصلت باسم الدين.

بعد الانتهاء من المداخلات فتح باب النقاش أمام الطلبة الباحثين والمتابعين للندوة عن بعد، لطرح تساؤلاتهم وإبداء ملاحظاتهم حول مواضيع المداخلات.

ثم اختتمت أعمال الندوة بكلمات ختامية الأولى للدكتورة مليكة المكاوي التي تفضلت فيها بشكر الضيوف المشاركين في الندوة وكذا الاساتذة المشرفين والطلبة الساهرين على تنظيمها وكافة المتابعين لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق