الفن المعماري الدرعي نموذجا قصر تسركات

يجتذب قصر تسركات بجماعة ترناتة إقليم زاكورة جنوب المغرب عددا كبيرا من السياح. هؤلاء السياح يجدون فيها قطعة من تاريخ معماري يلخص الكثير من العادات والتقاليد في المغرب، بل وحتى المعمار في جنوب الجزيرة العربية واليمن ومصر . يقع قصر «تسركات » على بعد 8 كيلومترات شمال مدينة زاكورة ويعتبر من أهم «القصور التاريخية» في المغرب. القصر عبارة عن تجمع بنايات تقليدية شيدت من الطين ومحاطة بسور به بعض الأبراج. يعتبر هذا القصر، بهندسته المتميزة، نموذجا للسكن التقليدي بالجنوب المغربي وتتميز مكوناته المعمارية بقيم جمالية. وكان الدخول إليه والخروج منه يتم عبر بوابتين فقط وذلك بقصد مراقبة التحركات داخله، وتتم مراقبة النمو العمراني وتحديد علو البنايات الجديدة في محيط القصر، من أجل ضمان تجانس وتوافق النمط المعماري وحماية المنظر العام حول القصر، وأتاح ذلك الحفاظ على المنظر العام للقصر الذي يمكن مشاهدته على بعد عدة كيلومترات.

وفي القصر، زخارف ونقوش رموز ورسومات ومجسمات وألوان طبيعية. ساهمت في بساطة ودقة متناهية في خلق تزاوج عجيب بين سحر الطبيعة وابتكار الإنسان. لوحات تشكيلية حقيقية تجسد ملامح مراحل تاريخية وثقافية وتراثية مميزة. كل هذا يستهوي السياح الشغوفين بزيارة القصور الأثرية القديمة في المغرب. وكان القصر بمثابة تجمع سكاني مغلق أشبه ببلدة ويضم عددا من المرافق عبارة عن قصبات وبيوت ومخازن للحبوب، ويصعب تحديد أصل هذا الشكل المعماري وكذا مختلف المراحل التاريخية التي مر منها. وتختلف الروايات، بين من يقول إن الأصل هو جنوب الجزيرة العربية نظرا للتشابه بين هذا المعمار والبناء التقليدي السائد في اليمن، وهذه الرواية يعتمدها أساسا المدافعون عن أطروحة الأصل العربي للأمازيغ، بينما يقول البعض إن شكل القصبة هو نتاج مؤثرات قرطاجية.

أما القصبة فهي بناية كبيرة تتخذ شكل مربع غالبا وتتشكل من عدة طبقات قد تصل إلى أربع أو أكثر وغالبا ما يخصص الطابق الأرضي للدواب وبقية الطبقات للسكن والإقامة، وتتميز القصبات بارتفاع نسبي في أركانها الأربعة فيما يشبه غرفا شبه مستقلة (البروج) وهي تستعمل لاستقبال الضيوف وكذا للمراقبة والحراسة بحكم علوها وغالبا ما توجه النوافذ للجهات المراد مراقبتها والمفترض ورود الخطر منها. ويعتبر القصر أكبر وأوسع حجما من القصبة حيث يشمل مجموعة من القصبات والبيوت ومرافق أخرى مع وجود باب خارجي موحد متين يوصد ليلا، ويشيد من التراب (التابوت) وهذه خاصية معمارية أخرى ينفرد بها المغرب، ويملس بعد ذلك بالطين مع تزيينه بنقوش وزخارف ورموز لها دلالات معينة.

ولهذا البناء التقليدي جمالية خاصة ومزايا لأن التراب يوفر الدفء في فصل الشتاء والبرودة في الصيف خلافا للبناء الإسمنتي. كما أنه معمار يتناغم في لونه بشكل رائع مع لون الأرض وبشرة سكان المناطق التي ينتشرون فيها. ويعد الباب الخارجي المشترك للقصور من أهم عناصرها ويصنع من أجود أنواع الخشب وأشدها قوة ومتانة، ويتم تزيينه بتثبيت مسامير معدنية صغيرة على كل أنحائه بشكل فني، وفي الوسط يتم تثبيت يد حديدية منقوشة تستعمل للدق والنقر ..

بواسطة
عبد الإله يمان - تنزولين زاكورة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق