زاكورة.. محمد الدرويش يحاضر حول التنمية في الواحات

ساهم الدكتور محمد الدرويش في أشغال اليوم الدراسي الذي احتضنته مدينة زاكورة حول موضوع “التراث الواحي والتنمية الترابية ” ، يوم الخميس 27 اكتوبر الجاري، وفيما يلي نص مداخلة الدرويش:

“السيد المحترم عامل صاحب الجلالة على إقليم زاكورة

السيد  المحترم رئيس المجلي الإقليمي لزاكورة

الاستاذ المحترم رئيس فريق البحث في أنثروبولوجيا الواحات

الأستاذ المحترم نائب عمية الكلية المتعددة التخصصات – ورزازات

السيدات والسادة النواب البرلمانيين

السيدات والسادة ممثلي الإقليم بمجلس جهة درعة تافيلالت

السيدة والسادة رؤوساء الجماعات

السادة رؤوساء  المصالح الخارجية

أيها الحضور الكريم.

انعمتم صباحا وشكراً لكم بدءاً على حضوركم أشغال هاته الندوة الوطنية  تلبية لدعوة الجهات المنظمة .

أما بعد،

ينظم هذا اليوم الدراسي في موضوع : “التراث الواحي والتنمية الترابية” بشراكة مع المجلس الإقليمي لزاكورة وفريق البحث في أنثروبولوجيا الواحات التابع لكلية الاداب والعلوم الانسانية – جامعة محمد الخامس بالرباط

ننظمه في منطقة لها رمزية خاصة لدى الشعب المغربي تاريخا وحاضرا ومستقبلا، إنها منطقة الواحات بامتياز، منطقة التراث المغربي الأصيل والمتأصل.

ننظم هذا اليوم الدراسي المبارك بالتاريخ والجغرافيا وبحضوركم وتشريفكم لنا متابعة افتتاحها وأشغالها بمدينة زاكورة بالجنوب الشرقي للمغرب.

ننظمها في سياق دولي عنوانه الابرز تشكل اقطاب دولية بمنطق يغاير سنوات الحرب الباردة ويقوم على أسس الاقتصاد واقتصاد المعرفة وتثمين التراث والموروث، عالم يشكل بالفعل القرية الصغيرة المتحدث عنها قبلًا، ومداخله الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا وما ينتج  عن ذلك من تموقعات وتشكلات غير قائمة على الاساس الجغرافي ولا الديني ولا التاريخي بل على الهيمنة الاقتصادية القائمة على حسن تدبير الموارد والموارد الترابية بشكل خاص.

ننظمها والعالم يعيش الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا التي قيدت الحياة البشرية بطرق غير مسبوقة فانهارت مؤسسات وتقوت أخرى وبدأت تظهر في الوجود معالم تكثلات دولية جديدة.

ننظمها والمغرب يعيش نتائج ذلك وبأشكال أكثر تأثيرا في المستويات الاجتماعية والاقتصاية وغيرها.

ننظمها كذلك وبلدنا يعرف تقلبا في الوضع المناخي بسبب النقص الحاصل في التساقطات المطرية خلال الشهور الماضية، والذي سجل عجزا بلغ 66٪ تقريبا بالمقارنة مع موسم عادي. وهو ما يؤثر سلبا على المنظومة الايكولوجية عامة ومنظومة المجالات الهشة بشكل خاص.

وتتضح نتائج هذا النقص والتذبذب المطري على القطاع الفلاحي الذي يشغل يدا عاملة مهمة، كما يشكل أيضا مصدر دخل وعيش أسر ممتدة بالعالم القروي.  وانقاذا للسنة الفلاحية ودعما للأسر المتضررة بادر جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده لاعطاء تعليماته السامية للسيد رئيس الحكومة والسيد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات يوم 16 فبراير 2022 بضرورة اتخاذ الحكومة لكافة التدابير الاستعجالية، لمواجهة آثار نقص التساقطات المطرية على القطاع الفلاحي، واعتماد برنامج استثنائي لدعم ومساعدة الفلاحين المتضررين من الاثار السلبية لاضطرابات التساقطات المطرية عبر برنامج بثلاث محاور:

  •   حماية الرصيد الحيواني والنباتي، وتدبير ندرة المياه.
  •   ضمان التأمين الفلاحي.
  •   المساهمة في تخفيف العبئ المالي على الفلاحين والمهنيين.

في سياق كل ذلك ننظم هذا اليوم الدراسي التفاعلي والتشاركي، بمشاركة باحثين وخبراء في مجال التنمية الترابية والحكامة المجالية بالواحات، وبحضور الطلبة الباحثين والمؤسسات المعنية والفاعليين الترابيين والجمعويين.

وهكذا سيتم خلال هذا اليوم الدراسي هنا بمدينة زاكورة طرح قضايا التراث والتنمية الترابية بالواحات من خلال ستة محاور أساسية  وهي:

– محور : المقاربة التراثية والهوية الثقافية بالمجالات الواحية.

– محور : الاقتصاد المحلي وإشكالات العولمة.

– محور : الماء والتدبير المندمج للموارد الترابية.

– محور : التسويق الترابي في أفق البناء الاستراتيجية لأسس التنمية بالواحات.

– محور : الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المجالات الواحية.

– محور : الزراعات البديلة بالواحات.

وسننهي الندوة بإصدار تقرير عام عنها وتوصيات نوجهها لمن يهمهم الأمر بهدف التنمية الترابية والمجالية والاقتصادية لمناطق الواحات عموما .

أيتها السيدات، أيها السادة.

تشكل الواحات الممتدة على 226583 كلم مربع من فكيك الى اسا الزاك  وتهم اربع جهات كلميم واد نون وسوس ماسة والشرق ودرعة تافيلالت  مناطق تمتاز بمؤهلاتها الطبيعية والاكيولوجية وسجلها التاريخي الذي امتاز دوما بإمكانات جغرافية وتراثية جعلتها مناطق عبور واستقرار وتلاقح الافكار والعادات والتقاليد خلال عقود من الزمن مما جعل منها محور اهتمام الفاعلين الاكاديمين والاقتصاديين السياحيين والسياسيين رغم ما عانته المنطقة من انعكاسات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وتراجع احتياطي الماء وقلة فرص الشغل وهجرة السكان خصوصا الشباب منهم بحثا عن اسباب العيش الكريم وتحسين انماطه وهروبا من قساوة الطبيعة ونتائج الاختلالات البيئية والطبيعية والمجالية التي عرفتها هاته المناطق بتفاوت طبعا. مما فرض على الحكومات المتعاقبة البحث عن حلول لواقع يزداد تعقيدا كان اخرها خطة العمل الاستراتيجية لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات من أجل حماية الواحات من خطر الحرائق، وذلك عبر الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان والمصالح الجهوية لها قصد حماية الواحات الوطنية من اخطار الحرائق اعتمادا على استراتيجية متكاملة تنسجم مع الواقع المحلي وتنبني على منظومة حماية ذاتية وإجراءات احترازية ضد افات الحرائق، مع تمكين الفلاحين المتضررين من فسائل انبوبية للنخيل مجانا والعمل على برمجة سنوية لخطط تنقية اعشاش النخيل خصوصا التي تعرضت للحريق وغيرها من المبادرات التي تشرف عليها الوزارة الوصية مباشرة او عن طريق الوكالات والجهات المختصة بذلك.

ايها الحضور الكريم.

لقد كانت التعليمات الملكية السامية بخصوص إحداث تغيير جذري في الإدارة الترابية للبلاد، قصد ولوج مرحلة تنموية نوعية جديدة، وذلك بالتخفيف الى أقصى حد ممكن من التدبير المركزي واعتماد الجهوية المتقدمة وسياسة اللاتمركز، نقلة مرحلية جديدة تميز العهد الجديد.

وقد أثبت هذا التوجه، أن بلادنا تسير فعلا في الاتجاه الصحيح، حيث تفاعلت معه كل الجهات المعنية، بالمسؤولية اللازمة، وعلى رأسها وزارة الداخلية التي انخرطت في ورش تفعيل المرسوم بمثابة الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، بإعداد التصميم المديري الخاص بالوزارة، والذي اتسم بالجودة المستجيبة لمعايير التصميم المديري المرجعي.

وبهذا الخصوص، نأمل أن يلقى ورش اللاتمركز المواكبة من قبل مختلف مستويات  الجماعات الترابية، التي عليها واجب إيجاد البنيات الإدارية الموازية، والكفيلة بإطلاق التنمية المتعددة الابعاد التي تصبو لها بلادنا.

وبهذه المناسبة، لا يمكن إلا أن نثمن كل الجهود التي يتم القيام بها لجعل الجماعات الترابية في مستوى تطلعات وانتظارات الشعب المغربي في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية. وهي جهود جعلت مؤشر الاهتمام بالشأن المحلي جلي في اهتمامات وزارة الداخلية، بمبادرة من المديرية العامة للجماعات الترابية، التي لا تذخر أي جهد لإنجاح ورش التدبير اللامركزي المسند للجماعات الترابية من جهة، وورش التدبير اللامركزي لمختلف مهام وصلاحيات وزارة الداخلية من جهة أخرى.

أيتها السيدات، أيها السادة.

لن اجعل من كلمة مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم عرضا علميا لما يرتبط بموضوع اليوم الدراسي هذا  ولا مطلبيا ولكننا نقصد التذكير ببعض قضاياها والتي سيتناولها المشاركون بالتحليل والدراسة ونوجه في افتتاحها نداء للمسؤولين نطرح فيه بعض المقترحات  :

– الدعوة الى  تحصين الموروث الثقافي المغربي ومواجهة كل محاولة للاستيلاء عليه من داخل المغرب او خارجه.

– تثمين الإحداث الرسمي لعلامة تراث المغرب بهدف حماية  تراثنا بكل انواعه ومجالاته لأنه يشكل جزءا لا يتجزأ من الثقافة والهوية المغربية والتي تمثل خلفية رئيسة وفاعلة لممارسات الإنسان المغربي في علاقته بالمجتمع والتاريخ انطلاقا من صرحها الذي تُشيده المكونات العربية الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية وتغنيه الروافد الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية والمتجلية في كل مناحي الحياة  حكاية وعمارة وعادات وتقاليد وتعبيرات شفوية ومكتوبة وغير ذلك من الانساق الثقافية.

– تثمين المهن الحرفية المرتبطة بالواحات واعادة الاعتبار لها.

– دعوة الجامعات المتواجدة في جهات الواحات الى احداث تخصصات تهم كل  قضاياها.

– إحداث مراكز ثقافية تعنى بقضايا الواحات تاريخا وثقافة ومكونات طبيعية وايكولوجية.

في ختام هذه الكلمة أشير إلى الاستعداد التام لمؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم بمعية الشركاء المنظمين، أقول استعدادها لبناء شراكات علمية وعملية في اتجاه خلق أقطاب تفكير ومواكبة بالمجالات.

وفي النهاية  أود باسم مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم أن أشكركم جميعا واحدا واحدا على استجابتكم لدعوة الجهات المنظمة وباسمكم جميعا اوجه الشكر الخاص المشفوع بكل تقدير واحترام للسيد عامل صاحب الجلالة على إقليم زاكورة والسيد رئيس المجلس الإقليمي لزاكورة على حفاوة الاستقبال و قرار الانفتاح على المؤسسات الاكاديمية و المدنية، كما لا يفوتني ان اوجه تحية خاصة لأعضاء اللجنة العلمية واللجنة التنظيمية  واخص بالذكر منهم الاساتذة والاخوة  الاعزاء الأساتذة الدكاترة جمال فزة وإسماعيل المساوي علي دادون وفريد امار والعمراني أحمد وعموم الطلبة الباحثين، مع تشكراتنا الخالصة للسادة والسيدات اعضاء المجلس الإقليمي، وشكرنا موصول لكل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة على متابعتها للأشغال وإذاعتها للخبر وحضورها

والتحية والاحترام والتقدير لكل الحاضرين بدءاً وختاماً.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

زاكورة ، في  27 أكتوبر 2022″

 

يشار إلى أن هذه الكلمة ألقاها الأستاذ علي دادون  نيابة عن رئيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق