علماء وباحثون يحاضرون حول تجليات التكافل في الأديان بأبي الجعد

تواصلت يوم السبت 02 يوليوز الجاري بمدينة أبي الجعد، فعاليات ملتقى الأصيل الدولي لحوار الأديان، الذي تنظمه جمعية الأصيل للتربية والثقافة والتنمية بتنسيق مع جامعة جورج تاون بواشنطن، حول موضوع “تجليات التكافل في الاديان، ويشارك فيه باحثون وعلماء يمثلون الديانات السماوية الثلاث، من المغرب وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية.

وخلال الجلسة الافتتاحية للملتقى أوضح رئيس جمعية الأصيل، السيد أحمد شهبونية، أن هذه التظاهرة العلمية تبرز دور المملكة المغربية في ترسيخ التكافل والتضامن بين المسلمين وبين أتباع الديانات الأخرى، مضيفا أن شعار هذا الملتقى يعكس مواصفات مجتمع التسامح الذي تدعو إليه المملكة المغربية، وأكد شهبونية أن جمعية الأصيل تلتزم بالعمل على صيانة  وحفظ التراث الثقافي المغربي وخاصة الإرث الثمين لصلحاء مدينة أبي الجعد.

من جانبه، أفاد رشيد أشحو، المنسق العلمي لهذه التظاهرة الدولية، أن اختيار موضوع التكافل بين الأديان يأتي لتأكيد هذه القيمة الروحية العالية التي تسهم في ترسيخ الأخوة والسلم الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد، وكذلك بين مختلف البلدان والشعوب، بغض النظر عن انتمائها العرقي والديني، مشيرا إلى أن فترة الوباء كانت خير شاهد، من خلال ما أسفرت عنن مكافحة هذا المرض من تجسيد التضامن والمنفعة المتبادلة بين الشعوب من مختلف الأديان.

وأفصح أستاذ  علم اللاهوت والدراسات الدينية بجامعة جورج تاون بالولايات المتحدة، بول هاك، عن سعادته بالحضور إلى أبي الجعد لمقاربة هذا الموضوع الذي يؤكد حرص المملكة على تعزيز قيم التكافل بين الأديان، مؤكدا على أن المشترك الإنساني يظل محور هذا التكافل على اعتبار أن العلاقات بين الإسلام والمسيحية يشكل دليلا على هذا التعايش المنشود.

وتمحورت فقرات الجلسة العلمية الاولى التي ترأسها  الدكتور ابراهيم إمونن، رئيس شعبة حوار الأديان بكلية أصول الدين بتطوان، على موضوع  “التكافل في الاديان تجسيد للمشترك الإنساني”.

وأبرز الدكتور عمر القشيري، من جامعة القاضي عياض بمراكش، صور من كفالة علماء أهل الذمة في الحضارة الإسلامية، مقدما نماذج في تاريخ الحضارة الإسلامية كاستفادة العالم اليهودي موسى بن ميمون، الذي درس في جامع القرويين بفاس على نفقة الاوقاف الاسلامية ، مضيفا انه ظهرت الحاجة لغير المسلمين  خصوصا في ميدان الترجمة، كما اشار الى أن الأديرة كانت مراكز لترجمة كتب الفلسفة والفلك والطب، وبين أن الدولة الاسلامية كانت تغدق الاموال على العلماء ليتكفلوا بتلامذتهم الذين كانوا في الغالب غير مسلمين .

وتناول الأستاذ ريكاردو باريدي من إيطاليا وهو طالب دكتوراه بالجامعة الامريكية بلبنان ، موضوع  “التكافل الإنساني على ضوء الرسالة البابوية العامة”، مؤكدا أن البابا فرانسيس  يؤمن بالأخوة الإنسانية، وأشار الى زيارته للمغرب ولقائه بالملك محمد السادس وكذا زيارته الى الامارات العربية المتحدة، وأبرز اهمية وثيقة الاخوة الإنسانية من اجل العيش المشترك التي وقعها البابا مع شيخ الازهر، وأورد مقتطفا من كلام الملك محمد السادس “الديانات السماوية الثلاث لا توصي بالتسامح فقط، بل وجدت للانفتاح على بعضها البعض وللتعارف فيما بينها “.

وقدم الدكتور محمد التهامي الحراق، الباحث في الإسلاميات و التصوف، مداخلة تحت عنوان “التكافل من منظور إنسي روحاني إقتراب اولي”، أكد من خلالها أن الآية القرآنية “يأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”، قد أسست لمعاني التعارف، موضحا ان من معاني التعارف أن تسعى الى معرفة الآخر وتعترف به في آخريته واختلافه، ونبه إلى حاجة الاديان إلى إعادة المصداقية لكلمتها، مشيرا الى وجود تيارات تريد فصل العالم عن السماء، وفصل الانسان عن بعده الروحي، وشدد على أهمية النظر الى الانسان  باعتباره “نفخة الهية”،  لأن ذلك ينتج عنه تكريم الانسان سواء كان متدينا ام غير متدين.

وتناول الدكتور عبد الرحيم السني، الباحث في الرابطة المحمدية للعلماء، في كلمته “الأبعاد الحضارية للتكافل في الإسلام”، مشيرا إلى البعد التشاركي في الاديان، وأفاد أن الإسلام قد أسس الكثير من المعالم الت تجعل المسلم مقبلا على سائر الأطياف الانسانية على اختلاف دينها، وتأسف لكون سلوكيات بعض المسلمين لا تعكس توجهات الاسلام في العيش المشترك، وأوضح ان القرآن الكريم يذكر بالأصل الانساني المشترك، مستدلا بقوله تعالى “خلقكم من نفس واحدة”، وأكد ان الاسلام راعى حقوق الأقليات، وأورد قصة عمر بن الخطاب مع اليهودي الذي وجده يتسول، فأمر له بنفقة من بيت مال المسلمين من اجل حفظ كرامته.

وكانت كلمة الدكتور رضوان غنيمي من جامعة ابن زهر، حول “وقفات مع فلسفة التكافل في الإسلام”، بين من خلالها  أهمية حضور قيمة التكافل من اجل الحصول على مجتمع انساني متوازن، مضيفا ان الشريعة الاسلامية تقدم التكافل على وجه الوجوب وليس الاستحباب أو الندب، وبين أن الإسلام قد أوصى به في تعليم العلم، موضحا أن الوصية شرعت لتحقيق هذا المقصد أيضا، وأشار الى مظاهر التكافل في توزيع الزكاة في عهد عمر بن عبد العزيز.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق