ما هي التسوية التي يمكن ان تنتج رئيساً للجمهورية اللبنانية ؟

كتبت ”ليال الاختيار“ في النهار ”في ظروف لا تشبه اي ظروف اخرى مرت على لبنان يتحضر اللبنانيون لفراغ رئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في ٣١ من اكتوبر الحالي وسط صعوبة ايجاد رئيس واسم توافقي على رئاسة الجمهورية بعدما شهر حزب الله بلسان الشيخ نعيم قاسم الفيتو بوجه اي اسم من نتاج السفارات كما اسماه“.

هذا الفيتو يعني سقوط اسماء عديدة كانت مطروحة في التداول لرئاسة الجمهورية تعول عليها الكتل الاخرى التقليدية والتغييرية والمستقلة مما يعني ان لبنان بحاجة الى تسوية جديدية مرة اخرى رغم رفض فريق واسع لمنطق التسوية من جهة واعتراف حزب الله بفشل تجربة الرئيس القوي من جهة اخرى .

وبالتالي فأن المطروح اليوم شيء من اثنين اما تسوية داخلية او تسوية خارجية .

في التسوية الداخلية هناك صعوبة كبيرة لانتاج رئيس من صنع داخلي وسط الانقسام العمودي الموجود في البلد ، فمنذ اقرار الدستور اللبناني واعلان قيام الجمهورية اللبنانية في العام ١٩٢٦ ومذ ان تعاقب على مقاليد الرئاسة ٢١ رئيسا للجمهورية ثمانية منهم قبل الاستقلال وثلاثة عشر رئيسا بعد الاستقلال والاتفاق الداخلي كان محكوماً دائما بتوازنات داخلية وخارجية متداخلة نادرا ما انتجت رئيساً من دون اي تداخل للتوازنات الخارجية المحيطة بالاسم والمرحلة والتوقيت والظروف .

مما يعنيه ان اي تسوية داخلية اليوم لا يمكن ان تكون بمعزل عن ظروفها الخارجية نظرا لتكريس لبنان على مدى السنين كطرف لكل الصراعات الاقليمية وبالتالي لا تسوية داخلية بحتة .

في التسوية الخارجية التي عادة ما تكون مربوطة بجهة وظرف وراع . تبدو اليوم هذه التسوية اكثر تعقيدا من ذي قبل اذ ان الجهتين الاساسيتين المعنيتن بهذه التسوية هي الايراني من جهة والامريكي من جهة اخرى والاثنان في حالة تشدد قصوى نتيجة الظرف الذي تمر به العلاقة بين الطرفين .

فبينما تمضي الادارة الامريكية بالاكمال في سياسة الضغط على النظام الايراني بعد تجميد المفاوضات النووية ودخول النظام الايراني بدوامة الازمات الداخلية مع الشارع المنتفض والذي انتج حتى الساعة وانضج كل مقومات الثورة الحقيقية ، اضافة الى دخول النظام الثيوقراطي ذي الوجه الدوغمائي دوامة الصراع الانتقالي لمحاولة تثبيت تغييراته الداخلية لنقل الحكم من خامنئي الاب الى الابن مجتبى مع ما يعنيه من تشديد القبضة الحديدية للقمع والاقصاء وبالتالي النتيجة هي تعاط اكثر تشددا في الملفين اللبناني والعراقي.

وحتى وان تراجعت الادارة الامريكية والامر مستبعد قبل الانتخابات النصفية فأن هذا الامر لن ينتج تساهلاً ايرانياً اي من قبل حزب الله في ملف الرئاسة اللبنانية وانما ممكن ان ينتج تسهيلاً بثمن محدد .

اما عن الراعي الذي لطالما اعتاد لبنان على وجوده كوسيط على طرفي النزاع وهو ما انتج ما يعرف بتسوية الدوحة العام ٢٠٠٨ التي اتت بالرئيس ميشال سليمان رئيسا في مرحلة الاحداث الدامية ، هو غير موجود اليوم وسط انكفاء عربي عن الملف اللبناني ومحاولات فرنسية لاحداث خرق من تارة الى الاخرى بعدما فشلت كل المبادرات السابقة على كل الصعد المالية والاقتصادية والسياسية .

اذا لا تسوية كاملة حاضرة لانتاج رئيس مقبل لا داخليا ولا خارجيا ، لكن اذا ما اجتمعت ظروف خارجية فيها شيء من التفاهم الاقليمي بين محوري الصراع الامريكي والايراني في ظل القناعة الامريكية بأولوية المحافظة على امن الشرق الاوسط للتفرغ لروسيا من جهة وملف الهندي والهادىء من جهة اخرى ، وتلاقت هذه الظروف مع تمريرة داخلية لمنع الوضع الداخلي من الانزلاق نحو مزيد من التأزم الاجتماعي والاقتصادي فأن تسوية ممكن ان تولد ولكن بعد الفراغ .

هذه التسوية غير ناضجة حتى الساعة اذ ان الحد الادنى من التوافق الداخلي والخارجي غير موجود على اسم يتوج هذا التلاقي ، اذا الفراغ محتوم .

لكن ما بعد الفراغ وما بعد سقوط التعديل الدستوري الذي يسمح بأنتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيسا للجمهورية ، سيعيد فتح البحث في ملف الانتخابات الرئاسية من زاوية مختلفة .

اذا الكرة في ملعب القوى الرئيسية الداخلية ممثلة بحزب الله وحلفائه والقوى الاخرى من جهة ، والخارجية ممثلة بالجانب الامريكي والايراني من جهة اخرى ، والانتظار سيد الموقف اذ لا سياسة الضغط القصوى تنفع في هذا الملف ولا سياسة الصبر الاقصى تنفع ايضا.

بواسطة
داني القاسم - لبنان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق