الولايات المتحدة (الإبراهيمية)

يوجد مدخلان لتفسير الموجة الجديدة من التطبيع، أحدها: شخصي ويتعلق بفكرة كراهية الذات (العربية والإسلامية) من جانب مسؤولين سياسيين ومثقفين وربما آخرين ينتمون لتيارات (دينية)!، والآخر: اقتصادي: وهو التطبيع النيوليبرالي ويشير إلى فكرة تزاوج التكنولوجيا الصهيونية مع الموارد العربية لتحقيق الإزدهار في (الشرق الأوسط).. والذي لن يأتي!

وربما يكشف اسم اتفاق التطبيع الإماراتي – الصهيوني (أبراهام) عن مدخل ثالث يسعى لوظيف (الدبلوماسية الروحية) التي تستغل اسم أبو الأنبياء من أجل تحقيق إذعان الشعوب، أو إنتصار نهائي للمشروعين الإمبريالي والصهيوني.

وللدكتورة هبة جمال الدين، مدرسة العلوم السياسية المصرية، جهود بحثية كبيرة لكشف المؤسسات الحكومية والأكاديمية والمدنية والشخصيات التي تقف وراء (الدبلوماسية الروحية) منذ عام 2000م وحتى الآن.

وبالوثائق تكشف جمال الدين عن جهود لتنقية الكتب المقدسة الثلاثة لكتابة كتاب مقدس جامع للديانة الإبراهيمية الجديدة (سيفتتح بيت عائلة إبراهيم في الإمارات العربية عام 2022م وهو معبد مشترك يجمع أتباع الديانات السماوية الثلاث!)

كما يتم الترويج لمسار سياحي ديني هو رحلة أبو الأنبياء من العراق مروراً بسوريا ولبنان وفلسطين ومصر والسعودية، حيث يمر بكنيسة القيامة والمسجد الأقصى وبيت الله الحرام، ويتم بموجب هذا المسار إلغاء الحدود السياسية ونقل السكان إلى أي منطقة في مشروعات سياحية اقتصادية (كما تروج كتب إسرائيلية إلى العودة إلى السعودية والحصول على تعويضات هائلة باعتبار أن اليهود هم السكان الأصليين لمكة والمدينة)!

وبعد تأسيس هذا المسار تظهر أفكار تطبيقية أخرى عناوينها: تعويض اليهود، الإدارة المشتركة للموارد، إلغاء الحدود السياسية الإستعمارية، تعزيز الحريات الدينية لجميع الطوائف في المنطقة.
وكل ذلك يقود إلى ما يسمى (الولايات المتحدة الإبراهيمية) – وهو الاسم لدولة فيدرالية يقودها المشروع الصهيوني!.
ومن المفارقة أن شخصيات عربية تمول (الدبلوماسية الروحية) التي تنظر لها جامعة هارفارد، وتتبناها وزارة الخارجية الأمريكية في عهدي أوباما وترامب، كما تنخرط شخصيات صوفية فيه، وتصب مشاريع تسامح وحوار الأديان في مصلحته تماماً.

فما العمل إذن؟
يسير قطار التطبيع بسرعة هائلة حيث يؤمن قادة عسكريون ومدنيون بأن مفتاح الإزدهار يمر من تل أبيب، ومن الصعوبة على الإطلاق المطالبة بوقف التطبيع.
وربما يفرمل القطار ما يلي:
– المطالبة بحل الدولة الواحدة ثنائية القومية!.
– المطالبة بأن تقوم (إسرائيل) بترسيم حدودها واحترام الحدود السياسية للعراق والمشرق والخليج العربي.
– حوار ديني وأكاديمي ليس لصناعة دين إبراهيمي جديد وإنما للعمل في مبادرات مشتركة لتحقيق غايات هذه الأديان وهي العدل والرحمة.
إن التطبيع (الإبراهيمي) يجعل أوطانناً في خطر عظيم.. ربما.

بواسطة
حمدي عبد العزيز - مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق