علمانية فرنسا المأزومة بماكرون..

الإسلام دين مأزوم عالميآ و يحتاج لإعادة هيكلته في فرنسا و العالم و محاربة الإنفصالية الإسلامية…

أهم الخطوط العريضة التي جاءت في تصريحات ماكرون الأخيرة و التي تقصد من خلالها دغدغة مشاعر اليمين المتطرف في فرنسا و الذي يشهد حركة صعود في مؤشراته الإنتخابية ليس على المستوى المحلي و إنما الأوروبي عمومآ هذا التيار الشعبوي الذي أطاح بحكومات الوسط و يسار الوسط في أكثر من دولة أوربية كاليونان و إيطاليا و أدى إلى البريكسيت البريطاني و جعل باقي التيارات السياسية تتبنى أفكاره على مضض و لكن لأسباب إنتخابية بحتة…

فاليمين المتطرف و الذي يتبنى الخطاب القومي و كراهية الاجئين و يطبل و يزمر للإسلامو فوبيا بات قوة إنتخابية يحسب حسابها و تعقد معها التحالفات الإنتخابية و من هذا المنطلق يريد السيد ماكرون أن يعيد هيكلة الإسلام ليصبح أكثر ملاءمة لعلمانية فرنسا متناسيآ أن أهم مبادئ العلمانية هي فصل الدين عن السلطة و الذي انتهكه بخطابه عن إعادة هيكلة الإسلام كدين من قبل السلطات الفرنسية متناسيآ أهم مبادئ العلمانية و التي تقول بعدم قيام الحكومة أو الدولة بإجبار أي أحد على اعتناق وتبني معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية كما تكفل الحق في عدم اعتناق دين معين وعدم تبني دين معين كدين رسميٍ للدولة. وبمعنى عام، فإن هذا المصطلح يشير إلى الرأي القائل بأن الأنشطة البشرية والقرارات وخصوصا السياسية منها يجب أن تكون غير خاضعة لتأثير المؤسسات الدينية…

و هنا و في انتهاك صارخ للقيم العلمانية يريد السيد ماكرون أن يبدل معتقدات ما يقارب من سبعة ملايين فرنسي مسلمين في آن معآ و صنع معتقدات جديدة تناسبه و تناسب القيم العلمانية الفرنسية و بذلك يكون قد انتهك حرية المعتقد و الرأي معآ و هي مبادئ لطالما تغنت بها فرنسا و مجدت لائكيتها بفخر في المحافل الدولية بأنها بلد الحريات المطلقة التي كان ثمنها دماء الفرنسيين في ثورة الباستيل.

و من هنا و برأيي الشخصي فإن العلمانية الفرنسية المأزومة بماكرون هي التي تحتاج إلى إعادة هيكلة من جديد و مراعاة أبسط القيم العلمانية التي يريد ماكرون أن ينشرها في العالم و في رابطة الدول الفرانكوفونية من خلال السياسة و الإقتصاد باستخدام اللغة الفرنسية التي يريد أن يجعل منها لغة يتحول متقنها إلى فرد علماني مؤمن بلائكية فرنسا و يدافع عن قيم الجمهورية الفرنسية كشخص وطني و لو لم يحصل على جنسيتها الوطنية…

علمانية على المقاس الفرنسي لا تقبل النقاش مع الآخر فالنظرة الفوقية تحكم مبادئها و تقسم الناس سادة و عبيد..

علمانية لم يتخيل من ثار يومآ لأجلها في عام 1987 في أسوأ كوابيسه أن يأتي ماكرون و هو رأس السلطة في الجمهورية الخامسة ليحطم تلك المبادئ ، فهل نشهد تعافي العلمانية الفرنسية بجمهورية سادسة تطيح بكل سياسي متسلط يضحي بالقيم السامية للدولة كما يعتبرها الفرنسيون مقابل مكاسب شخصية في الإنتخابات القادمة و هل كانت احتجاجات باريس أولى تلك البوادر حقآ…
دمتم سالمين…

بواسطة
محمد سجيع - تركيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق