مدائن مترامية على المتوسط تبهر الناس أجمعين مقيمين وزائرين….

وأحبها الى قلبي طرابلس عاصمة لبنان الثانية ولا أهتم للجغرافيا وأحن الى حضارات شعوب وأمم تركت ظلالها فوق ترابها فالتاريخ حقيقة حية ومع ذلك أنا أعشق هواؤها المنعش القادم من لجج البحر المترامي وأمواجه وأهوى تلك اللحظات التي أحاور فيها نوارسها وأدب فوق شطآنها….
فيها قلعة جبارة ما زالت تتحدى كل الطغاة وتسخر من كل معتد أثيم.

وأسواقها تبهر الرواد وتجذبهم بأسعارها المتدنية وبتنوع بضاعتها وبأسمائها الجميلة خان الصابون وخان العسكر وسوق الصاغة وسوق الذهب وسوق الخضار والعديد من الأسماء التي لا زالت تتردد حتى اليوم بالرغم من أنها ارث متواتر تتناقله الألسن منذ عقود ….

وأبوابها الحارسة لأهلها باب التبانة وباب الرمل وباب الحديد تتميز بها مدينتي للدلالة على الأمان الذي كانت تنعم به على مر العصور..

وأبو علي هو ليس رجلا” وإنما هو مجرى نهر يقسم طرابلس الى قسمين الأول جبلي والثاني ساحلي وأروع ما في ساحلها أشجار الليمون على اختلاف أنواعه حيث لا بد من أن تتنشق عبق الزهر مع اطلالة كل ربيع.

ولشرفاتها علامات فكلها تحتوي على الحبق والنعناع والأزهار والسهرات عليها في الصيف تكاد تكون من تقاليد أهل طرابلس.
من بائع الكعك الى بائع القهوة وبائع الفواكه وغيرها كلهم يشعرونك إنك في مدينة يسمونه أم الفقير والبركة التي تفوح من محلات الحلويات تشبع العين والنفس قبل أن تتناول الكنافة وحلاوة الشميسة التي تشتهر بهما طرابلس وكل الزوار يقصدونها للتحلية ..

ولا تزال سيداتها يتمتعن بحس الجدات حيث يصنعن ماء الزهر وماء الورد وغيرها من المؤون …
مساجدها تجاور كنائسها والعيش فيها له طابع إسلامي فرمضان يجمع أهلها على مختلف أديانهم ومذاهبهم ولا زال المسحراتي واجتماع العائلات على موائد متنوعة ولذيذة من الأطعمة ..

يقال أنها مدينة العلم والعلماء لكثرة المشايخ التي كانوا فيها فالتزام أهلها بالإسلام على الفطرة وبحسب العقيدة وعلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولازال الأولاد في الشوارع يلعبون ويدبون ويصرخون ويضحكون…

طرابلس اليوم بالرغم من كل شيء مدينة جميلة وأهلها مميزون وترفض التجهيل والتهميش وترفع الصوت عاليا” مع كل آذان طرابلس اللبنانية غاضبة على الساسة وتأمل أن تتحسن أحوال لبنان وأن تستعيد مركزها على الخريطة فعليا” وأن تنشط بمؤسساتها وأن يفك أسر المشاريع النائمة من أدراج الدولة كأنها تقضي عقوبة الاقصاء والتفقير …

ولكل عربي دعوة من القلب لزيارتها وللاقامة فيها كي تنعكس في أفكاركم جمالا” وأصالة وسعيا” الى الحداثة والازدهار ..
ولا تحزن اذا ما رأيت فيها طفلا” يبيع العلكة او مسنة تطلب مساعدة مع انه ليس من شيمة ناسها ولكنها تتحمل أعباء النزوح واللجوء وتحاول أن تتخطى كل الصعوبات وأن تحل المشاكل عن طريق التعاضد الاجتماعي والتواصل مع المغتربين في الخارج من أبناء المدينة وما زالوا يحاولون ويسعوون ويجاهدون لتبقى صورة طرابلس ساطعة ومضيئة على جيد البحر المتوسط.

طرابلس الفيحاء تهديكم جمالها ووقارها وسحرها وروعتها….

بواسطة
لطيفة خالد - لبنان
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق