الأسس الفكرية والأسس السياسية لبناء الدولة في إسرائيل

هناك مجموعة من الأسس الفكرية والأسس السياسية لبناء الدولة في إسرائيل، ويمكن ذكر الأسس الفكرية بما يأتي :

١. فكرة الأرض الموعودة، ترتكز هذه الفكرة على امر أساسي هو أن الله خلق الدولة، وهذا الارتكاز يكون على نظرية النشأة المقدسة. و الدولة التي يحكمها حاكم من عند الله تعرف بالدولة الثيوقراطية، لأن اليهودية نظرت إلى الله تعالى على أنه منشيء السلطة الملكية، وهو الذي ينتخب الملوك ويمنحهم السلطة، وكذلك هو من ينتزعها منهم.

وهذا الفكرة المقدسة تعد الركيزة المحورية التي استندت عليها الحركة الصهيونية في تسويقها لما عرف باطروحة الوطن القومي ليهود العالم كمدخل سياسي لإقامة كيان مستقل لأولئك المضطهدين على أرض فلسطين.

ويدعى اليهود ومنظروا الحركة الصهيونية أن الوعد اللاهوتي باحقيتهم بأرض فلسطين قد نص عليه في مصدرين أساسيين للديانة اليهودية هما التلمود والتوراة التي يقصد بها التوراة الإسرائيلية وليست توراة النبي موسى عليه السلام التي نزلت على النبي في القرن ١٣ ق. م في حين أن التوراة المتداولة كتبت من قبل اسلافهم في الأسر البابلي بعد ٨٠٠عام من عهد موسى و١٥٠٠ عام من عهد إبراهيم عليه السلام.

وأراد اليهود من هذه المغالطة التاريخية المبتدعة من كهنتهم وبعدها الحركة الصهيونية ومنظروها تحقيق هدفين؛ الأول، تمجيد تاريخهم باعتبار اليهود صفوة الأقوام البشرية والشعب المختار الذي اصطفاه الرب دون بقية البشر. الثاني، جعل فلسطين وطنهم الأصلي.

وبذلك سعوا إلى ترسيخ بعض الأمور في شخصية اليهود ومنها؛ خلق النزعة المتعالية وايهام الاتباع بعلو منزلتهم ورفعتها بوصفهم شعب الله المختار. وكذلك تأكيدهم على مقولة الحنين لأرض الميعاد وتعميقها في ضمائر اليهود لأجل شل التفكير بالإخلاص للأرض التي ولدوا فيها والتي سميت أرض الشتات. والأمر الآخر هو ضبط اليهود بطريقة تمنعهم من النقاش خوفا من الاله المنسوبة له القوانين اليهودية.

٢. فكرة القومية اليهودية؛ وهي فكرة تدعو اليهود إلى تجميع كل يهود العالم المتفرقين في أرض الشتات في دولة قومية واحدة. مستغلين عدة أمور مهمة منها ظهور وانتشار معاداة السامية أو ما تسمى اللاسامية التي ظهرت في العصور الوسطى عند تعرض اليهود لحملات الاضطهاد ومشاعر الكراهية من قبل المسيحيين الذين اتهموا اليهود بموت السيد المسيح عليه السلام برفضهم قبول رسالته وعدم اعتناق المسيحية. لذلك صاغ منظروا الحركة الصهيونية فكرة القومية اليهودية من أجل بناء دولة خاصة ليهود العالم على أساس قومي لأنها الحل العملي لمشاكلهم. ويعد موسس هو أول مفكر يهودي صهيوني استخدم هذه الفكرة من خلال كتاباته في مؤلفه الموسوم (روما والقدس)

اما الأسس السياسية فهي ؛
١. الاستفادة من الحركة الاستعمارية؛ وهي تتلخص بحصول الصهيونية على مكاسب مهمة جداً لقيام الدولة الإسرائيلية، وهي وعد بلفور ١٩١٧، وصك الانتداب في ١٩٢٠، وقرار تقسيم فلسطين عام ١٩٤٧ .

وكان تفكير الحركة الصهيونية أن تحقيق تلك الأمور المهمة والتعاون مع قوة امبريالية كبرى سوف يساعد في حسم أمور مهمة جدا، منها منح شرعية للصهيونية، والدفاع عن الدولة اليهودية، والأمر الآخر خاص بالعرب وهن ابتعادهم عن التفكير بالمقاومة لأنها لن تجدي نفعا.

٢. انشاء مؤسسات سياسية واقتصادية في الخارج.
أنشأت الحركة الصهيونية عدة مؤسسات سياسية واقتصادية من أجل النهوض بالدولة اليهودية. ومن تلك المؤسسات مكتب فلسطين في مدينة يافا، والمجلس التمثيلي الذي يشبه البرلمان للجالية اليهودية في فلسطين والوكالة اليهودية الخاصة باسداء المشورة لإدارة فلسطين في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية لإنشاء وطن قومي يهودي .

ومن المؤسسات المهمة جدا هي الصندوق القومي لليهود الذي كان مسؤولا عن شراء الأراضي الفلسطينية واستملاكها.

 

بواسطة
غفار عفراوي - العراق
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق