رمضان.. شهر التوبة والغفران

رمضان في قلب المحبّ غرام وبه اليك تلهف وهيام
في كل عام يا حبيب تزورنا ولشوقنا حتى تزور ضرام
تأتي فيزهر في لياليك التُّقى ويطيب فيها للعباد قيام
تأتي الينا ضاحكاً مستبشراً ولكل مجتهد لديك مقام

الرَّمَضُ والرَّمْضاءُ: شِدّةُ الحَرّ. والرَّمَضُ: حَرُّ الحجارة من شدّة حَرّ الشمس، وقيل: هو الحرّ والرُّجوعُ عن المَبادِي إِلى المَحاضِر، وأَرضٌ رَمِضَةُ الحجارة. والرَّمَضُ: شدة وَقْع الشمس على الرمل وغيره: والأَرضُ رَمْضاءُ. ومنه حديث عَقِيلٍ: فجعل يَتَتَبَّعُ الفَيْءَ من شدّةِ الرَّمَضِ، وهو، بفتح الميم، المصدر، يقال: رَمِضَ يَرْمَضُ رَمَضاً. ورَمِضَ الإِنسانُ رَمَضاً: مَضى على الرَّمْضاءِ، والأَرضُ رَمِضةٌ. ورَمِضَ يَومُنا، بالكسر، يَرْمَضُ رَمَضاً: اشتدَّ حَرُّه. وأَرْمَضَ الحَرُّ القومَ: اشتدّ عليهم. والرَّمَضُ: مصدر قولك رَمِضَ الرجلُ يَرْمَضُ رَمَضاً إذا احترقت قدماه في شدة الحر؛ وأَنشد القطامي التغلبي:
فَهُنّ مُعْتَرِضاتٌ، والحَصى رَمِضٌ والرِّيحُ ساكنةٌ، والظِّلُّ مُعْتَدِلُ
ورَمِضَتْ قَدَمُه من الرمْضاءِ أَي احترَقَتْ. ورَمِضَتِ الغنم تَرْمَضُ رَمَضاً إذا رَعَتْ في شدّة الحر فحَبِنَتْ رِئاتُها وأَكْبادُها وأَصابها فيها قَرَحٌ. وفي الحديث: صلاةُ الأَوّابين إذا رَمِضَتِ الفِصالُ؛ وهي الصلاةُ التي سنَّها سيدنا رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، في وقتِ الضُّحَى عند ارتفاعِ النهار. وفي الصحاح: أَي إذا وجَدَ الفَصيلُ حرَّ الشمس من الرَّمْضاءِ، يقول: فصلاة الضحى تلك الساعةَ؛ قال ابن الأَثير: هو أَن تَحْمى الرَّمْضاءُ، وهي الرَّمْلُ، فتَبْرُكَ الفِصالُ من شدة حرِّها وإِحراقِها أَخْفافَها. وفي الحديث: فلم تَكْتَحِلْ حتى كادَتْ عيناها تَرْمَضانِ، يروى بالضاد، من الرَّمْضاء وشدة الحرّ. وفي حديث صفية: تَشَكَّتْ عَيْنَيْها حتى كادتْ تَرْمَضُ، فإِن روي بالضاد أَراد حتى تَحْمى. ورَمَضُ الفِصالِ: أَن تَحْتَرِقَ الرَّمْضاءُ وهو الرمل فتبرك الفصال من شدة حرها وإِحراقها أَخفافَها وفراسنها.

وشهر رمضانَ مأْخوذ من رَمِضَ الصائم يَرْمَضُ إذا حَرّ جوْفُه من شدّة العطش، قال اللّه عزّ وجلّ:” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ .

شهر رمضان شهر الرحمة والغفران، وشهر العبادات، حيث يتقرّب فيه المسلم إلى ربّه بفعل أوامره واجتناب نواهيه، فهو ليس امتناع المسلم عن الطعام والشراب فقط، بل امتناعه عن كل ما حرّم الله، وكفّ النّفس عن ما يغضب الله تعالى. وردت الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة حول شهر رمضان وفضله، منها قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)البقرة 185

يُعدّ شهر رمضان المبارك أفضل الشهور على الإطلاق، وقد خصّ الله -سبحانه وتعالى- هذا الشهر بمزايا عديدة، وجعل الأجور فيه مضاعفة، وقذف حبّه في قلوب العباد، فالمسلمون في كل بقاع الأرض يبتهجون لقدوم هذا الشهر العظيم، ويتهيّأون لاستقباله بطرق ووسائل شتى، ويفرحون بالعيش في ظلاله.

فصيام رمضان ركنٌ من أركان الإسلام، وهو فرض على المسلمين. يسمّى شهر رمضان بشهرِ القرآن؛ ففيه أُنزِل على رسولنا الكريم محمد- صلى الله عليه وسلم-، وكان يتدارسه مع جبريل عليه السلام في ليالي رمضان المباركة، ويُطلق عليه أيضًا شهر القيام، لأنّ هذه العبادة تكثُر فيه، فنجد حرصًا كبيرًا من المسلمين على الحفاظ على قيام كلِّ ليلة في رمضان، رجاءَ كسبِ الأجر العظيم، ونجدهم يتسابقون على الإكثار من الطاعات، والإقبال على الله عزّ وجلّ بقلوبٍ مُخبتة، ليُكرمهم الله سبحانه وتعالى.

فضل شهر رمضان
لشهر رمضان فضائل عديدة على المسلم، سواء كانت نفسية، أو صحيّة، أو تربوية، ومن هذه الفضائل:
تُفتح فيه أبواب الجنّة، وتغلق أبواب النار، وتقيّد الشياطين. صيام شهر رمضان يُكفّر الذنوب إذا تمّ اجتناب الكبائر.

ثواب العمرة في رمضان مُضاعف، حيث ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنّها تعدل حجّة، وهذا لا يعني أنّها تقوم مقامها، بل أنّها تعادل أجرها وثوابها. اختاره الله سبحانه وتعالى ليُنزّل فيه القرآن الكريم.
في رمضان ليلة القدر، وهي التي ورد في القرآن الكريم أنّها خيرٌ – أي أفضل – من ألف شهر. شهر الخير الكثير وشهر تعلّم القرآن الكريم وحفظه ودراسته.

مضاعفة أجر العمل الصالح فيه، فأفضل الصدقة هي الصدقة التي تخرج فيه. يمنّ الله تعالى فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، خاصةً في ليلة القدر.
شهر الصبر، فيمنع فيه المسلم نفسه عن شهواتها، وله الأجر العظيم في هذا حيث ورد في مواضع كثيرة في القرآن الكريم جزاء وثواب الصابرين.

دعوة الصائم لا تردّ، كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم الصَّائمُ حتَّى يُفطرَ والإمامُ العادلُ ودعوةُ المظلومِ يرفعُها اللهُ فوق الغمامِ وتُفتَّحُ لها أبوابَ السَّماءِ ويقولُ الرَّبُّ وعزَّتي لأنصُرنَّك ولو بعد حينٍ).

الأعمال المستحبة في شهر رمضان
من الأعمال التي يُستحبّ القيام بها في رمضان ما يأتي:
ذكر الله سبحانه وتعالى كثيراً. التصدّق وفعل الأعمال الصالحة. وصلة الرحم. تأدية العمرة. تعجيل الفطر، بحيث يكون الإفطار مباشرة عند تحقق غروب الشمس. الدعاء أثناء الصيام وعند الإفطار. الإكثار من العبادات والصلاة. قيام رمضان من أعظم العبادات التي يتقرّب فيها المسلم إلى ربّه، ومنها أداء صلاة التراويح. صلاة التراويح صلاة التراويح هي تلك الصلاة النافلة التي تؤدّى في شهر رمضان المبارك، يبدأ وقتها من بعد صلاة العشاء إلى ما قبل صلاة الفجر بقليل، وهي سنّة مؤكدة عن الرسول- عليه السلام- لما ورد في الحديث الشريف عن السيدة عائشة قالت: (ما كانَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ -يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِهِ علَى إحدى عشرةَ رَكْعةً يصلِّي أربعًا فلا تسألْ عن حُسنِهِنَّ وطولِهِنَّ ثمَّ يصلِّي أربعًا فلا تسألْ عن حُسنِهِنَّ وطولِهِنَّ ثمَّ يصلِّي ثلاثًا قالت عائشةُ رضيَ اللَّهُ عنها فقلتُ يا رسولَ اللَّهِ أتَنامُ قبلَ أن توترَ قالَ يا عائشةُ إنَّ عينيَّ تَنامانِ ولا يَنامُ قلبي). يمكن أداء صلاة التراويح في البيت في جماعة، أو في المسجد في جماعة، أو بالانفراد، إلا أنّه لم يثبت لها عدد ركعات مُحدّد، إذ إنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يُصلّيها إحدى عشرة ركعة كما ورد عن عائشة رضي الله عنها؛ حيث يُصلّي أربع ركعات، ثمّ أربع ركعات أخرى، ثمّ ثلاث ركعات، ولا حرج في الزيادة على ذلك أو النقصان.

فوائد الصوم الصحية
تخليص الجسم من السموم، وتخفيض نسبةِ السكريّات في الدم. خفض الدهون المُخزّنة في الجسم؛ ممّا يساعد على التخلّص من السمنة المفرطة. تقوية جهاز المناعة بالجسم. راحة الجهاز
الهضمي. شفاء الجسم من الالتهابات والحساسية. راحة البنكرياس ممّا يُخفّض من نسبة السكر في الدم. خفض مُستويات ضغط الدم. زيادة تناول الأطعمة الصحيّة، وتجنّب المواد الغذائية المصطنعة ممّا يُعزّز العادات الصحية الجيدة. علاج مشكلات الإدمان. وقاية الجسم من الإصابة بالأورام السرطانية. علاج الأمراض الجلدية. الوقاية من مرض النقرس. التخفيف من الإصابة بجلطة القلب والدماغ.

بَكت العيونُ على وداعِك حُرقةً كيفَ القلوب اذا رحلتَ ستفعلُ
فَعساك ربِّي قد قبِلت صيامَنا وعساك كل قِيامنا تتقبلُ
إن كان هذا العام أعطى مُهلةً هل يا تُرى في كلِّ عام يُمهلُ؟
لا يستوي من كان يعمل مُخلصاً هو والذي في شَهره لا يعملُ
رمضان لا تَمضي وفينا غافلٌ ما كان يرجو اللهَ أويتذللُ
رمضان لا أدري أعُمري يَنقضي في قادمِ الأيامِ أم نَتقابلُ

 

 

بواسطة
د. خضر موسى محمد حمود - الاردن
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق